الأمان فرد الرسول ولم يقبل بالصلح ، ثم التقى الفريقان وكان في المقدمة ذو الفقار باشا حاكم مرعش فظهر منه شجاعة عظيمة وأبلى في ذلك اليوم بلاء حسنا ، وكان في الميسرة حسن باشا ترياكي ومعه عساكر الروملي فهجم عليه ابن جانبولاط ووقع بينهما حرب عظيمة وقتل في ذلك اليوم من عساكر ابن جانبولاط عشرون جمعت الرؤوس ووضعت مكردسة أمام القائد مراد باشا وعين عشرون شخصا لقطع رؤوس الأشقياء الذي أسروا فأمضوا ذلك اليوم في قطع الرؤوس من الأسرى. وأدى الأمر إلى انكسار ابن جانبولاط وفراره إلى جهة كلّز مسقط رأسه ، إلا أنه لم يقر له بها قرار فتوجه منها إلى حلب وأخذ في مصادرة الأغنياء ، وأيضا لم يستقر له بها قرار فأبقي في قلعة حلب جمعة وخرتاوي وهما من مقدمي عساكره وخرج منهزما من حلب من باب بانقوسا ، وفي أثناء خروجه منها كان النساء والأطفال يولولون ويسبونه ويلقون على رأسه القاذورات ويحقرونه بأنواع كلمات التحقير ، ثم صار أهالي حلب يلقون القبض على أتباع ابن جانبولاط فبلغوا نحو الألف ، وحينما أتى مراد باشا إلى حلب سلموا إليه هؤلاء الأشقياء فقطع رؤوسهم.
وثاني يوم الواقعة المتقدمة بعد انهزام ابن جانبولاط أتى مراد باشا إلى خيامه وقعد فيها وأخذ كبار قوّاده يأتون إليه يهنئونه بالنصر والظفر وكان في جملتهم الدفتردار باقي باشا فهنأه بهذه الشطرة (بيك أون آلتيده قرلدي سكبان) فجاءت هذه الشطرة تاريخا لهذه الوقعة.
ويروى أن القائد مراد باشا لما كان يقاتل ابن جانبولاط كان مع جانبولاط فخر الدين ابن معن ومعه عساكر من بني كلب ومن الدروز ، ولما انكسر ابن جانبولاط فرّ ابن معن إلى قلعة الشقيف.
ثم إن السردار مراد باشا توجه إلى حلب وفي طريقه مرّ على كلّز وصادر جميع أملاك ابن جانبولاط وألحقها في الأموال الأميرية ، وفي تاسع عشر رجب دخل إلى حلب وضرب خيامه في الميدان وخرج أعيان البلد وأهلها واستقبلوه أحسن استقبال وهناك سلموه الألف رجل الذين قبضوا عليها كما قدمنا فأمر بقتلهم. ثم إن السكبانيين المحاصرين في القلعة طلبوا الأمان وسلموه القلعة يوم الثلاثاء وبعد خروجهم من القلعة قتلوا بعد أن كان أعطى لهم الأمان.
ثم سلمت ولاية حلب إلى ديشلك حسين باشا وعيّن جشمه أفندي قاضي الجيش قاضيا على حلب لما له من العلاقات القديمة.