بطبيعته إلى الظلم والفساد وسلب الأموال من الرعية وجمعها ، وساعده على ذلك خلو الجو له إذ كان سلطان ذلك العصر وهو السلطان محمد بن إبراهيم حينما تولى السلطنة دون سن البلوغ ليس له من الأمر شيء والحل والربط منوط بالوزراء خاصة ، فاستبد هؤلاء بالأمر فاختلت أمور الدولة واضطربت أحوالها وكثر الجور والفساد من كبار الدولة في كل مكان ، وكان المترجم من عداد أولئك الذين أكثروا الفساد في الأرض ، وزاد في الطين بلة أن السلطان عين للوزارة العظمى رجلا شديدا فجعل ديدنه البطش في الوزراء وكبار رجال الدولة وقتل منهم غير واحد ، فانفض كثير من حوله وأخذوا يجمعون أمرهم ويوحدون كلمتهم وانضموا إلى حسن باشا أبازة ، وكان إذا ذاك في قونية ، وكان في عداد من انضم إليه وصار من شيعته طيار زاده الوزير أحمد باشا وميزا باشا وغيرهم نحو خمسة عشر رجلا من كبار رجال الدولة ، وحينما عصى سيدي أحمد باشا في حلب ساعده حسن باشا بإرسال العساكر والذخائر كما تقدم ، ولما تفاقم أمره أرسلت له الدولة مرتضى باشا والي حلب وعينت واليا لحلب أدرنه لي سوخته محمود باشا ، وكانت قوة حسن باشا أبازة تزداد يوما فيوما وأخذ يعيث في الأرض فسادا ويغير على أطراف البلاد فقطع السبل وأخاف أهل البلاد في نواحي قونية وبروسة وما حول تلك البلاد.
ولما بلغ حسن باشا أبازة مجيء السردار مرتضى باشا بمن معه من العسكر الجرار توجه حسن باشا من جهات بروسة إلى أنقرة وشغلها بعساكره ، وفي هذه الأثناء وصل إلى حلب متسلم من طرف واليها أدرنه لي سوخته محمود باشا ومعه صورة الفتوى بقتل حسن باشا مع من التف حوله ومعه أمر بالنفير وجمع العساكر لقتال هذا الباغي ، فتلقى أهل حلب الفتوى بالقبول وأخرجوا من حلب متسلمها من طرف حسن باشا صهره حمامجي أوغلي ومعه مقدار ألف من عساكر اللوندية وطردوهم إلى خارج البلد.
ثم إن حسن باشا عظم أمره واستطار شرر فتنته وكثر الملتفون حوله من أهالي البلاد وخشي السلطان عواقب أمره حتى إنه عزم أن يخرج بنفسه لقتاله فمنعه الصدر الأعظم إذ لم يجد توجهه مناسبا للمصلحة ، وآخر الأمر وعد السردار مرتضى أن يكفيه أمره وتوجه بعساكره إلى هذه البلاد ، وهو في الطريق تصادف مع