عدة بيوت من بيوت أعيان حلب كل شخصين أو ثلاثة في بيت ، وكان الاتفاق مع هؤلاء الأعيان أنهم متى سمعوا صوت المدفع من القلعة يقبض كل واحد على من عنده ويقتله في الحال وأن من أفشى هذا السر سواء كان صاحب المنزل أو أحدا من بيته فإن صاحب المنزل يقتل. وبعد العشاء صار مرتضى باشا يباسط من بات عنده في دار الحكومة ويطعمهم من الحلوى ، ثم آذنهم بصلاة العشاء وكلفهم الوضوء فقاموا لتناول الوضوء وشمروا عن سواعدهم وكان قد أخفى مقدار عشرين رجلا مدججين بالسلاح ، فأشار مرتضى باشا إلى هؤلاء فظهروا وهجموا على هؤلاء الثلاثة وأوسعوهم ضربا بالخناجر إلى أن قتلوا ، وبعد أن فرغ من أمرهم أرسل إلى القلعة فضرب بها المدفع الموعود به فقام كل واحد من أولئك على من كان عنده فقتلوهم ولم يفلت منهم أحد وقطعت رؤوسهم وملئت تبنا وأرسلت إلى مقر السلطنة ، وفي اليوم التالي ألقيت جثثهم في ساحة باب الفرج ، وكان عددهم ثلاثين رجلا ، وكان قتلهم ليلة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وستين وألف. وسرد المؤرخ نعيما أسماءهم واحدا واحدا ولم نجد في ذلك كبير فائدة. ثم قال المؤرخ تحت عنوان (غريبة) :
ومن الوقائع العجيبة أنه في الليلة التي قتل فيها حسن باشا وجماعته بحلب وذلك ليلة السبت حصل في ذلك اليوم وقت العصر في الآستانة زلزلة عظيمة خرب بسببها بيوت كثيرة وسمعت تلك الزلزلة في كثير من البلدان ، وحصل لأهالي البلاد منها خوف عظيم. ثم قال : قال أرسطو في كتابه المسمى (بأدوار وأكوار) : كل زمن يحصل فيه بين الناس فتن وتسفك لأجلها الدماء وتزهق الأرواح بغير حق يعقب ذلك حصول حوادث سماوية من خسوف وكسوف أو وقوع زلازل أرضية ، وحوادث الأزمنة الغابرة أيدت ذلك حيث إنه كان يعقب كل ملحمة من الملاحم حصول أمر من الأمور السماوية أو بلية من البلايا الأرضية ، وفي ذلك دليل على عدم رضاء الخالق بهدم البنية الإنسانية. وفي فتنة حسن باشا قتل ألوف من الخلائق ذهبت دماؤها هدرا فلا غرابة إذا حصل على إثر ذلك تلك الزلازل العظيمة اه.
أقول : ومن غرائب الاتفاق أنه يوم الأحد الموافق للثاني والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ألف وثلاثمائة وسبعة وثلاثين حصل هنا عصر ذلك اليوم زلزلة قوية رجفت لها