والانقطاع واضطر الحال إلى عمارتها وإصلاح مجراها لتستمر تلك المنافع العامة ولم يكن لها ماتبنى به من المال ، فرأى القاضي أيده الله تعالى وسدد آراءه أن يصرف هذا الموصى به كله في بناء مجرى القناة وإصلاح طريقها بناء محكما ليبقى أحقابا من السنين ويكون النفع أعم والثواب أوفر وأتم للموصي بسبب ذلك فأمر الوصي بذلك فأنفقه الوصي في ذلك وتوفر الماء في القساطل والسبلانات والسقايات توفرا ظاهرا مستمرا ، فهل يضمن الوصي المال والحالة هذه أولا.
الجواب :
لا يضمن لأنه مخالفة إلى خير ، وقد نقل الإمام الصدر الشهيد حسام الدين الخاصي في الفتاوى الكبرى عن النوازل ما نصه : وإن أوصى بأن يتصدق في عشرة أيام فلا بأس بأن يتصدق في يوم لأن ذلك لا يتفاوت إلّا إلى خير هذا ووجه الخيرية أن التعجيل في الإنفاق خير من التأخير ، وأما الخيرية فيما نحن فيه فغنية عن البيان وظاهرة للعيان وفي السراجية أوصى لفقراء بلدة معينة فالأفضل أن لا يعطي لغيرهم ولو أعطى جاز وفي الخاصي معزيا إلى النوازل أيضا ، هذا قول الإمام أبي يوسف رحمهالله تعالى وبه يفتي وقد بينه في العيون بأن الوصية جعل الموصى به لله سبحانه وتعالى وكل الفقراء فيه سواء. انتهى والله أعلم ، كتبه أبو السعود الحقير المفتي بمدينة حلب غفر له (هو الكواكبي) وطالعها الحاكم المشار إليه أدام الله تعالى نعمه عليه ورأى أن في صرف هذا المبلغ في بناء مجرى القناة وإصلاح طريقها نفعا عاما للخاص والعام وأكثر ثوابا للموصي المزبور ، فأمر المولى المومى إليه الحاج حسين المذكور بأن يصرف المبلغ المرسوم في بناء مجرى القناة وتجديدها وإصلاح طريقها ليجري الماء إلى القساطل والسبلانات بحلب وينتفع به عامة الناس أمرا شرعيا.
ثم إن الألفين والخمسمائة القروش المذكورة صرفت بمعرفة الدستور المكرم والمشير المفخم نظام العالم مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب متمم مهام الأنام بالرأي الصائب مؤسس بنيان الدولة والإقبال مشيد أركان السعادة والإجلال المحفوف بصنوف عواطف الملك المتعال الوزير المحترم حضرة الحاج رجب باشا يسّر الله له من الخير ما يشاء والي ولاية حلب حالا أدام الله تعالى إجلاله وختم بالصالحات أعماله ومعرفة الأكابر والأعيان والمعتمدين على القناة وغيرهم من أهل البلد في تعمير مجرى القناة وترميمها وتلييس بعض أماكنها في قيمة أحجار وكلس وقنب وقصرمل وأجرة معلمين وفعلة ، ولم يبق في يد الحاج