النور بخشية ، وشرقي دار المترجم العين المعروفة بالعوينة يقصدها المرضى يوم السبت قبل طلوع الشمس يغتسلون بها ولها ذكر في الخواصات التي بحلب (١).
ثم إن المترجم شرع في عمارة جامعه المعمور لصيق داره أوائل سنة إحدى وأربعين ومائة فاشترى الدور التي كانت في محل الجامع من أهلها بالأثمان المضاعفة ، وكان يقترض من التجار أهل الخير والصلاح المعروفين بحل المال ويصرفه في عمارة الجامع ويوفيهم من ثمن حنطة كانت عنده إلى أن فرغ بناء الجامع وتم على أكمل الوجوه ، ولما انتهى حفر أساس الجامع وحررت القبلة بتحرير العلامة الشيخ جابر الحوراني الأصل والعلامة الشيخ علي الميقاتي بأموي حلب نزل صاحب الترجمة بنفسه إلى الأساس واستدعى بطين فوضعه ووضع عليه حجرا ووضع بينهما صرة صغيرة لا يدرى ما هي وصعد ، وشرعوا في البناء بالأحجار الهرقلية الهائلة وأبطل العمل شتاء إلى أن كمل سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف ، ووضع فيه منبرا من الرخام الأصفر الفائق وفي صحنه حوضا من الرخام الأصفر طوله أربعة عشر ذراعا في مثلها وفي شماله مصطبة مرخمة بالرخام الأصفر بقدر الحوض وبنى فيه إحدى وأربعين حجرة منها ثلاثون للمجاورين والباقي لأرباب الشعائر وعيّن له خطيبا شكري محمد أفندي البكفلوني وهو أول خطيب خطب به لأنه كان مرغوبا عند الأتراك التمطيط في الخطبة على عادة خطباء إسلامبول ، وعيّن له مدرسا تاتار أفندي العينتابي فاستقام أربعة أشهر ثم استعفي فنصب مكانه العلامة محمود أفندي الأنطاكي وعين السيد محمد الكبيسي محدثا وعين عبد الكريم أفندي الشراباتي واعظا عقب صلاة الجمعة وعين السيد عبد الغني الصباغ إمام الجهرية والعلامة الشيخ جابر إمام السرية ، وعين له أربعة مؤذنين وعين شعالين وفراشين وقارئا يقرأ النعت وكنّاسين ولكل من أبوابه الثلاثة بوابا وأسكن الثلاثين حجرة ثلاثين رجلا من أهل البلدة أو من غيرها وشرط عليهم البيتوتة في الجامع وملازمة الصلوات الخمس وقراءة جزء من القرآن العظيم بعد صلاة الصبح ، وفي أثناء عمارة الجامع صار متسلما بحلب وجاءته رتبة روملي ، ثم أنعمت عليه الدولة برتبة الوزارة ومنصب طرابلس ، ثم عزل عنها وولي سيواس ثم دمشق وحج منها أميرا للحاج ، ثم ولي حلب فدخلها سنة خمسين ومائة وألف
__________________
(١) لا أثر الآن لهذه العين وأصبحت أثرا بعد عين ، وهناك قسطل ماؤه من قناة حلب معروف بقسطل العوينة بذيل تربة الجبيل.