أهالي عينتاب تلك المنازعات فاستدعوا متصرف كلز دال طبان ١ زاده محمد علي باشا فأتى إلى عينتاب ومعه كثير من الأتراك ، وحينما قدمها انهزم نوري محمد آغا واستولى محمد علي باشا على عينتاب ، لكنه أخذ في ظلم الرعية أكثر مما كان يظلمهم نوري محمد آغا ، وهناك ذكر جودت باشا المثل السائر وهو (رحم الله النبّاش الأول) فاتفق أهالي عينتاب وقتلوا طبان زاده محمد علي باشا وتخلصوا من شره ، وحينما بلغ ذلك نوري محمد آغا عاد إلى نواحي عينتاب ومعه كثير من الأشقياء وقطع طريق حلب وأخذ في النهب والسلب. وحينما بلغ حكومة الآستانة هذه الأخبار أرسلت عساكر كثيرة مع عبد الله بك كتخدا بقصد استئصال شأفته ، وصادف في هذا الأثناء قدوم عبدي باشا معزولا من ولاية مصر ومرّ على نواحي عينتاب فلاذ نوري محمد آغا بعبدي باشا نادما على ما كان منه فأمنه هذا بشرط أن يذهب معه إلى ديار بكر فتوجه معه إليها ، وصادف وفاة عبدي باشا في ديار بكر فانتهز هذا الفرصة وعاد إلى العيث في نواحي عينتاب على ما كان عليه واتفق مع السادة الأشراف وصار يحارب اليكيجرية وينهب أموالهم ويخرب بيوتهم. وبعد أن حصل منه ما حصل تيقن أن الدولة العثمانية لا تتحمل منه تلك الفعال فأخذ يرمم قلعة عينتاب بقصد الحصول على رضاء الدولة عنه ، إلا أن الدولة عينت لقمع فتنته كوسا مصطفى باشا والي حلب ، ولكن كان قبل ذلك حصل فيها فتنة أدت إلى هجوم أهالي حلب عليه وعلى عسكره وحصل بينهما مناوشة قتل فيها كثير من الطرفين وأدت إلى انهزامه إلى خارج حلب ، فوافاه الأمر وهو في الصحراء بالتوجه إلى عينتاب فتوجه إليها وحاصرها خمسة أشهر ، ثم لما نفدت الذخائر من قلعتها اضطر نوري محمد آغا إلى التسليم ثم أعدم وكان ذلك سنة ١٢٠٦ وسكنت تلك العاصفة.
(ثم قال جودت باشا ما ترجمته) : أن هؤلاء الخونة كانوا يتقربون إلى كبراء رجال الدولة بسافل الأمور فكانوا يعينونهم إلى بعض المقاطعات ويعينونهم على الفساد في الأرض والتسلط على عباد الله إلى أن يؤدي الأمر إلى عصيان الرعية وقيامها في وجه الحكومة والتبعة في كل ذلك على كبراء الدولة اه.
قال الكاتب في مجموعته في حوادث سنة ١٢٠٦ : فيها أحضر رأس ابن بطال من عينتاب مع جملة رؤوس عدتهم خمس وعشرون رأسا أرسلهم كوسا باشا في نصف ربيع الثاني ثم أرسلت إلى إسلامبول.
__________________
١ ـ في الأصل : وآل طبال ، والصواب ما أثبتناه.