قرقماش بحلب ، فلما كان حادي عشرين صفر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة ورد خاصكي من الأبواب الشريفة وعلى يده مرسوم شريف بطلب الأمير قرقماش إلى الأبواب الشريفة فركب من فوره وطلع إلى الأنصاري واستمر هناك إلى قرب الظهر ، ثم إنه ركب الهجن وتوجه إلى الأبواب الشريفة فولاه السلطان أمير سلاح وولى الأمير إينال الجكمي نيابة حلب عوضا عنه.
وأما الأمير فياض فإن السلطان أطلقه وولاه نيابة مرعش وخلع عليه وأحسن إليه اه.
وله في المنهل الصافي ترجمة طويلة الذيل. ومما قال فيه انه خلع عليه في سنة تسع وعشرين بحجوبية الحجاب فباشرها بحرمة زائدة وعظمة وبطش في الناس حتى هابه كل أحد ، واستمر على ذلك إلى سنة سبع وثلاثين فاستقر في نيابة حلب بعد انتقال نائبها الأمير قصروه ، فتوجه قرقماش إلى حلب وحكمها وفعل فيها على عادته وقويت حرمته أيضا بها وأبدع في المفسدين بأنواع العذاب إلى أن ظهر أمر الأمير جان بك الصوفي من الروم عزله الملك الأشرف عن نيابة حلب بالأتابك إينال الجكمي وقدم القاهرة على إقطاع الأمير جقمق العلائي ووظيفته إمرة سلاح ، وذلك في سنة تسع وثلاثين ، ثم إنه تجرد وصحبته جماعة من أمراء الديار المصرية إلى أرزنكان في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ، ومات الملك الأشرف في غيبتهم وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف وصار الأتابك جقمق العلائي مدبر مملكته ، وأرسل يستحث قرقماش هذا ورفقته على المجيء إلى الديار المصرية ، فلما حضروا اتفق مع قرقماش وقبض على جماعة من الأمراء الأشرفية ، وتسلطن الأتابك جقمق سنة اثنتين وأربعين وخلع على قرقماش هذا باستقراره أتابك العساكر ، فلم يلبث قرقماش إلا أياما قلائل ووثب على الملك الظاهر جقمق وانضم إليه المماليك الأشرفية وحصل بين الفريقين فتن وحرب [بسطها صاحب المنهل] انكسر فيها قرقماش واختفى ، ثم إنه قبض عليه وقتل في جمادى الآخرة من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وسنه نيف وخمسون سنة تقريبا.
وكان أميرا ضخما متعاظما متكبرا وعنده ظلم وجبروت مع معرفة وتدبير ومكر وشجاعة وإقدام ، وكان يتفقه ويحفظ مسائل ويظهر التدين والعفة والقيام في النهي عن المنكرات فيبالغ حتى يقع هو فيما هو أعظم مما ينكره ، وكان معتدل القامة مليح الوجه