فحزوا رأسه وأدخلوا الجثة إلى دار الحريم فوقع الصراخ والنواح ، وصادف أني ذلك اليوم خرجت لوداعه لأنه كان صمم على التوجه يوم الخميس في التاسع والعشرين من الشهر المذكور وجلست بالقرب منهم أنتظر ذهابهم من عنده لأدخل إليه ، فلما وقع الأمر عدت إلى البلد ، ثم سمعت أنهم يريدون دفنه تلك الليلة فرجعت إلى بستان المفتي ومعي حطب زاده ، وبعد أن غسلوه مشينا مع الجنازة من بستان المفتي إلى التكية المولوية ووصلنا مع العشاء ، وبعد أن صلينا عليه وكنت أنا إمام القوم واروه التراب في قبر هناك جديد ، وكتب على قبره من نظمي :
لقد فزت يا قومي ونلت شهادة |
|
وغفران ربي كل يوم مجدد |
فعممني عفوا وجاد برحمة |
|
ومثواي في دار النعيم مخلد |
ولما دعاني طبت زلفى لقربه |
|
وفي المقعد الصدق المقيم مؤبد |
فبشر أني أحمد الله أرخوا |
|
وقصري في الفردوس زاه مشيد |
قال : وكان عفا الله عنه على سنه متكالبا على الدنيا ذا طمع عظيم يحب الادخار ولا يقنعه شيء يتلو دائما هل من مزيد من كل شيء ، كتوما رصينا. ولما كنت في الآستانة بقصد الحصول على جهة أتعيش منها أنعم علي بمزرعة السربس فأخذتها بالتولية ببراءة ثم شاركت المترجم على النصف فوضع المترجم يده على الكل وصار يستورد جميع الواردات ولا يعطيني إلا القليل منها ، ذا إصرار إذا خطر له أمر يصر على إمضائه ولو تبين له غلطه ، وكان يضمر الغدر لمن عانده أو بلغه عنه ما يكدره. وتوفق أيام حكومته إلى ترميم المسجد الأموي وتعميره وإلى تعمير سبيل عظيم في باب المقام اكتفى به أهل تلك المحلة واستغنوا عن شراء الماء في أوقات الاحتياج ، وإلى تعمير سبيل آخر في محلة تراب الغرباء وإلى ترميم المشهد المدفون فيه الإمام محسن رضياللهعنه ، وقتل قبل أن تتم العمارة ، ولعل الله يسمح عنه بسبب هذه الآثار.
والمشهور أن علي باشا أرسل رأس أحمد بيك إلى دار السلطنة والسلطان وقتئذ هو السلطان محمود ، وهناك قبض على أخيه مصطفى بيك الذي كان في الآستانة أمير أخور أول وعرض عليه رأس أخيه أحمد بك وسأله : هذا هو أخوك؟ فقال : نعم ، فأمر بقتله فقتل أيضا. ثم ورد الأمر بمصادرة أملاكهما التي في حلب وملحقاتها فصودرت أملاكهما وقراها ، ثم جرى نفي أولادهما وكافة من يلوذ بهما البعض منهم إلى سيواس والبعض إلى عينتاب والبعض إلى أمكنة أخرى.