وإذا بوجبة عظيمة قد وقعت في البلد فانجلت عن وقوع الجرس إلى الخندق وكسره وذلك في سنة سبع وثمانين وخمسمائة ، فجدد بعد ذلك وعلق مرة ثانية فانقطع لوقته وانكسر وبطل من ذلك اليوم.
قال كمال الدين ابن العديم في ترجمة هذا الرجل : محمد بن حسان بن محمد أبو عبد الله وأبو بكر المغربي الزاهد رجل فاضل مقرىء محدث ولي من أولياء الله تعالى ، قدم حلب ونزل بدار الضيافة بالقرب من تحت القلعة ، وكان من الموسرين المتمولين ببلاد المغرب فترك ذلك جميعه وخرج على قدم التجريد وحج بيت الله الحرام ، ثم قدم حلب ورحل منها إلى جبل لبنان وساح فيه ، وقيل إنه مات فيه ولم يذكر وقت وفاته اه.
وقال (يعني ابن أبي طي) في سيرة الملك الظاهر : في السنة التي قتل فيها السهروردي (هي سنة ٥٨٧) أبطل غازي الجرس من قلعة حلب وكان معلقا كأنه التنور العظيم في ثالث برج من أبراج القلعة من شمالي المنظرة المطلة على حلب ، وسببه أنه جلس ليلة للسمر فسمعه فسأل عن ذلك وقال : هذه مملكة الإسلام وهذا من شعار الكفار ، فذكر له السبب فقال : عجبا للسلطان نور الدين كيف لم يوفق لذلك ، وأمر بإبطاله انتهى (١).
ثم اتخذ هذا الضرب في القلاع عادة. وأما الضرب الذي يضرب وقت اصفرار الشمس فلأن الخليل عليهالسلام كان يتخذ للفقراء طعاما ويجمعهم ذلك الوقت لأكله. وبقية ما يضرب فيها في الأوقات فهو من اصطلاح الملوك.
وسورها مساحته ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون ذراعا وعدد أبراجها تسعة وأربعون برجا وأبدانها ثمان وأربعون بدنة ، هذا ما كانت عليه قديما.
وقال ابن شداد : المساجد التي بالقلعة عدتها عشرة مساجد أولها مسجد النور ملاصق سور القلعة ، ومنها مسجد الخضر عليهالسلام.
__________________
(١) أقول : ما ذكره ابن أبي طي هنا في سبب إزالة هذا الجرس يناقض ما ذكره قبل ذلك من أن إزالته كانت بسبب أبي عبد الله المغربي مع أن ابن أبي طي كان في ذلك الوقت شابا مشاهدا لهذه القصة. وأما السنة التي حصلت فيها وهي سنة ٥٨٧ فلا تناقض فيها والله أعلم.