بإحضاره بسرعة ليستعين به على نفقة العسكر ، وهذه أول شدة وقعت منه في حق الناس ، فلما تكامل حضور المال حملت النفقات للأمراء المعينين للسفر فحمل للأتابكي جاني بك قلقسيز أربعة آلاف دينار ولبقية الأمراء المقدمين لكل واحد ثلاثة آلاف دينار وللأمراء الطبلخانات لكل واحد خمسمائة دينار وللأمراء العشراوات لكل واحد مائتا دينار ، وأنفق على الجند لكل واحد من المماليك مائة دينار.
ويوم الاثنين ثاني عشر شعبان خرج الأمراء والعسكر المعينون للتجريدة وكان لهم يوم مشهود ، وهذه أول تجريدة خرجت من مصر إلى شاه سوار (أي أول تجريدة من طرف قايتباي) فكانوا نحو عشرين أميرا ما بين مقدمي ألوف وطبلخانات وعشراوات ومن الجند نحو ألف مملوك.
(ثم قال ابن إياس) : وفي ذي القعدة جاءت الأخبار بأن العسكر الذي توجه إلى شاه سوار قد انكسر كسرة شنيعة وأسر الأتابكي قلقسيز وقتل جماعة من الأمراء ومن الجند ما لا يحصى ، وكان غالب العسكر من الخشقدمية ، وأما من قتل من الخاصكية والمماليك السلطانية فما ضبطوا ، وقد نهب برك الأمراء والعسكر قاطبة والذي سلم دخل إلى حلب في أسوأ حال من العري والمشي ، وقد قوي أمر سوار وتوجه إلى عينتاب وحاصر قلعتها وملك البلد ، وأشيع بين الناس أن ابن عثمان ملك الروم أرسل نجدة من عسكره إلى سوار. (ثم قال) :
وكانت هذه الواقعة سابع ذي القعدة من السنة المذكورة ، فلما وردت هذه الأخبار ماجت القاهرة وحار السلطان في أمره وما يظن أن سوارا يقوى على العسكر لكثرته ، ثم جاءت الأخبار بأن سوارا سجن الأتابكي جاني بك قلقسيز في جب وأن عسكر سوار قد قوي بما نهبه من العسكر من خيول وسلاح وبرك وقد عزم سوار بأن يزحف على حلب.
فلما تحقق السلطان ذلك أمر بعقد مجلس بالقلعة ، فحضر الخليفة المستنجد بالله يوسف والقضاة الأربعة وهم ولي الدين الأسيوطي الشافعي ومحب الدين بن الشحنة الحنفي وحسام الدين بن حريز المالكي وعز الدين الحنبلي ، وحضر شيخ الإسلام يحيى الأقصرائي ومشايخ من العلماء ، وحضر سائر الأمراء ، وكان هذا المجلس بالحوش السلطاني ، فلما تكامل المجلس قام القاضي كاتب السر أبو بكر بن مزهر وتكلم عن لسان السلطان ووجه الخطاب إلى الخليفة والقضاة ومشايخ العلم بما معناه من كلام طويل بأن بيت المال