أن يكبس حلب على حين غفلة فأرسل هذه التجريدة يقيمون بحلب إلى أن يرسل تجريدة ثقيلة بعد ذلك ، فلما عينه بعث إليه النفقة من يومه وحمل إليه اثني عشر ألف دينار ، ثم أنفق على بقية الأمراء والجند وألزمهم الخروج بسرعة ، فخرجوا عقيب ذلك من غير أطلاب ولا أشلة ، وقد عز ذلك على إينال الأشقر لكونه خرج في قلب الشتاء.
وفي ربيع الآخر جاءت الأخبار من حلب بأن حسن الطويل [ملك العراقين والموصل] تحرك على أخذ البلاد الحلبية وأنه أظهر العداوة للسلطان وقد طمع في عسكر مصر بموجب ما فعله معهم سوار ، فثار السلطان لهذا الخبر وقصد أن يخرج إلى حلب بنفسه.
وفي جمادى الأولى عين السلطان تجريدة ثقيلة إلى سوار وعين بها من الأمراء المقدمين يشبك دوادار كبير باش العسكر وتمراز النمشي ابن أخت السلطان أحد المقدمين وخاير بك حديد الأشرفي ، وعين عدة من أمراء طبلخانات وعشراوات وعرض الجند وكتب منهم عدة أمراء وأعلمهم بأن السفر يكون بعد أن يربع الخيل.
وفي رجب جاءت الأخبار من حلب بأن سوار قد استولى على سيس وقلعتها ، ففزع السلطان لهذا الخبر. وفي شعبان عين السلطان الأمير برسباي قرا أحد المقدمين بأن يخرج جاليش العسكر إلى سوار قبل خروج الأمير يشبك ، فخرج معه عدة من الجند وبعث إليه السلطان أربعة آلاف دينار.
وفي شوال كان خروج العسكر المعين إلى سوار ، فخرج الأمير يشبك الدوادار الكبير وأزدمر الأستادار وكاشف الكشاف وباش العسكر فكان في غاية العز والعظمة ، وقد فوض إليه السلطان أمور البلاد الشامية والحلبية وغير ذلك من البلاد وجعل له الولاية والعزل في جميع أحوال المملكة وكتب معه خمسمائة علامة ويكتب على البياض. وجعل له التصرف في جميع النواب والأمراء ما خلا نائب حلب ونائب الشام فقط ، فكان له ما خرج يوم مشهود وطلب طلبا حافلا بحيث لم يعمل مثله قط ، وجر في طلبه عدة خيول ملبسة بركستونات فولاذ مكفتة بالذهب وبركستونات مخمل ملون وصنع في رنكه (لونه) صفة سبع ، وقد اقترح أشياء عجيبة غريبة لم يسبق إليها ، ورسم لمماليكه بأن تخرج في الطلب باللبس الكامل ، وخرج صحبته الأمراء الذين تقدم ذكرهم ومن الجند نحو ألفي مملوك فرجت له القاهرة ، واستمرت الأطلاب تنسحب إلى قريب الظهر ، ثم خرج العسكر