الأمير تمراز : ضمانك علي فما يصيبك شيء ، فما وافق سوار على نزوله من القلعة ، فقام الأمير تمراز والقاضي شمس الدين بن أجا من عنده والمجلس مانع. فلما عاد الأمير تمراز بالجواب على الأمير يشبك لم يوافق على ذلك وحاصر سوار وضيق عليه ورمى عليه بالمدافع فما أطاق سوار ذلك ، فأرسل بطلب الأمير تمراز والقاضي شمس الدين بن أجا ثانيا على أنه ينزل صحبتهما ، فطلع إليه الأمير تمراز وابن أجا ثانيا فطال بينهما المجلس ، وقيل إن سوارا أضاف الأمير تمراز وابن أجا بقلعة زمنوطو ، فلما طال جلوس الأمير تمراز وابن أجا بقلعة زمنوطو عند سوار ماج العسكر على بعضه ، وأشيع بأن سوار قد قبض على الأمير تمراز وابن أجا ، فلما مضى من النهار النصف الأول نزل الأمير تمراز هو والقاضي ابن أجا وصحبتهما شاه سوار وهو في نفر قليل من عسكره ، فتوجه إلى وطاق الأمير يشبك الدوادار ونزل عن فرسه ودخل على الأمير يشبك في الخيمة ، فقام إليه ورحب به وأحضر إليه خلعة وألبسها له ، فلما أراد الانصراف من عنده قال الأمير يشبك : امض إلى نائب الشام وسلم عليه. وكان يومئذ برقوق نائب الشام ، فلما توجه إليه سوار نزل عن فرسه ودخل إلى برقوق وصحبته الأمير تمراز ، فلما وقف بين يدي برقوق قال له برقوق : من أنت؟ قال له : أنا سوار ، قال : أنت سوار؟ قال : نعم أنا سوار ، فجعل يكرر عليه هذا الكلام فيقول له نعم أنا سوار. ثم قال له برقوق : أنت الذي قتلت الأمراء والعسكر؟ فسكت سوار ، ثم قال برقوق : أحضروا له خلعة ، فأتوا إليه بخلعة وفي ضمنها زنجير ، فلما ألبسوها له وضعوا الزنجير في عنقه ، فلما رأى جماعة سوار أنه وضع في رقبته زنجير ثاروا على جماعة برقوق وسلوا سيوفهم ، وكان برقوق أكمن كمينا حول الخيمة وهم لابسون آلة الحرب فهجموا على جماعة سوار وقطعوهم ثم قبضوا على سوار وأدخلوه في بعض الخيام ، فلما رأى الأمير تمراز ذلك شق عليه وقال لبرقوق : أنا نزلت بسوار من القلعة وحلفت له أنكم لا تشوشون عليه فكيف يبقى أحد يأمن لكم ، فأخرق برقوق بالأمير تمراز إخراقا فاحشا وربما لكمه ، فخرج تمراز من عند برقوق وهو غضبان. وكان الأمير يشبك حلف للأمير تمراز أنه إذا قابله سوار لا يقبض عليه ولا يشوش عليه ، فلما نزل إليه سوار ندب برقوق إلى ما فعله بسوار وكان هذا عين الصواب ودع الأمير تمراز يغضب.
فلما تحقق العسكر القبض على سوار قاموا على حمية وقصدوا التوجه إلى الديار المصرية.