وعين من الأمراء المقدمين أحد عشر أميرا ومن الأمراء الطبلخانات والعشروات زيادة عن ستين أميرا حتى عدت هذه التجريدة من نوادر التجاريد. وقد بلغ السلطان أن ابن عثمان جمع من العساكر ما لا يحصى ، فلما عرض الجند وعين الأمراء أخذ في أسباب تفرقة النفقة ، ثم إنه عين ثلاثة من الخاصكية بأن يسيروا على الهجن لكشف أخبار ابن عثمان وما يكون من أمره واستحثهم على الخروج ورد الجواب عليه بسرعة.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بأن عسكر ابن عثمان قد استولى على قلعة آياس من غير قتال ولا مانع.
وفي جمادى الآخرة بعث السلطان نفقات الأمراء المقدمين والعشراوات فبلغت النفقة على الأمراء خاصة دون الجند مائة ألف دينار وثلاثة آلاف دينار ، ثم أنفق على الجند على العادة فكانت جملة النفقة على الأمراء والجند نحوا من ألف ألف دينار حتى عد ذلك من النوادر ولم يسمع فيما تقدم من الدول الماضية أن أحدا من السلاطين فعل مثل ذلك ، وكانت نفقة أزبك الأمير الكبير وحده ثلاثين ألف دينار ، وكانت عادة نفقة الأتابكية إلى دولة الظاهر برقوق عشرة آلاف دينار ولم يسمع بأوسع من هذه النفقة قط فكان كما قيل :
تهب الألوف ولا تهاب ألوفها |
|
هان العدو عليك والدينار |
فلما أخذ المماليك النفقة أطلقوا في الناس النار وأخذوا البغال والخيول حتى أكاديش الطواحين وحصل منهم الضرر الشامل في حق التجار وغيرهم.
وفيه كان خروج أزبك أمير كبير ومن عين معه من العسكر وكان يوما مشهودا ، واستمرت الأطلاب تنسحب من إشراق الشمس إلى ما بعد الظهر ، وخرج العسكر وهم لابسون آلة السلاح حتى عد ذلك من النوادر. وكان طلب أزبك أمير كبير وقانصوه خمسمائة غاية في الحسن حتى قيل كان مصروف طلب قانصوه خمسمائة نحوا من ثمانين ألف دينار ، ثم إن الأمراء برزوا ونزلوا بالريدانية واستمروا هناك إلى أن رحلوا ولم تخرج من مصر تجريدة أعظم من هذه لا في زمن الظاهر برقوق ولا غيره.
وفي رجب جاءت الأخبار من حلب بأن ابن عثمان بعث عدة مراكب من البحر وهي مشحونة بالسلاح والعسكر وقد وصلت إلى جهة باب الملك ليقاطع بها على العسكر المصري ، فما تم له ذلك وكانت النصرة لعسكر مصر كما سيأتي ذكره.