وبكلمة أخرى حيث ان المفروض في هذه الصورة هو ان ترك كل واحد من افراد هذه الطبائع مطلوب على نحو الاستقلال ، فلا محالة يكون وجود كل منها مانعاً مستقلا ، ضرورة انا لا نعني بالمانع الا ما يكون عدمه دخيلا في الواجب. وعلى هدى ذلك فإذا فرض ان المكلف اضطر إلى إيجاد فرد من افرادها وجب عليه الاقتصار على خصوص هذا الفرد المضطر إليه ولا يسوغ له إيجاد فرد آخر منها ، فلو أوجده لبطلت صلاته ، لفرض ان ترك كل منهما مطلوب مستقلا وانه زيادة في المانع.
ويترتب على ما ذكرناه انه يجب التقليل في افراد تلك الطبائع بالمقدار الممكن ، ويلزم الاقتصار على قدر الضرورة ، ولا يجوز ارتكاب الزائد.
وذلك كما إذا فرض نجاسة طرفي ثوب المكلف ـ مثلا ـ وفرض انه متمكن من إزالة النجاسة عن أحد طرفيه دون الطرف الآخر. كما إذا كان عنده ماء بمقدار يكفي لإزالة النجاسة عنه دون الآخر ، ففي مثل ذلك يجب عليه تقليل النجاسة وإزالتها عن أحد طرفي ثوبه ، لفرض ان كل فرد منها مانع مستقل ، وترك كل فرد منها مطلوب كذلك ، فإذا فرض ان المكلف اضطر إلى إيجاد مانع فلا يجوز له إيجاد مانع آخر .. وهكذا ، فان الضرورة تتقدر بقدرها فلو أوجد فردا آخر زائداً عليه لكان موجباً لبطلان صلاته.
وكذا إذا فرض نجاسة ثوبه وبدنه معاً فعندئذ إذا كان عنده ماء بمقدار يكفي لإزالة النجاسة عن أحدهما وجبت الإزالة بالمقدار الممكن.
وكذا إذا فرض نجاسة موضع من بدنه وفرض انه متمكن من إزالة النجاسة عن بعضها وجبت الإزالة الممكنة.
وكذا الأمر فيما إذا فرض نجاسة موضع من بدنه أو ثوبه ، ولكنه متمكن من تقليله بحسب الكم وجب تقليله .. وهكذا.