الأولى ـ ان النهي عن فعل غالباً ينشأ عن قيام مفسدة ملزمة فيه ، ولا ينشأ عن مصلحة إلزامية في تركه والا لكان تركه واجباً لا فعله محرماً وهذا خلف والأمر به ينشأ غالباً عن قيام مصلحة ملزمة في فعله ، لا عن قيام مفسدة كذلك في تركه ، والا لكان تركه محرما لا فعله واجباً.
الثانية ـ ان الأمر ـ كما يتعلق بالفعل باعتبار وجود مصلحة إلزامية فيه فيكون ذلك الفعل واجباً. سواء أكان وجوبه ضمنياً أم استقلالياً ـ قد يتعلق بالترك كذلك أي باعتبار وجود مصلحة ملزمة فيه ، فيكون ذلك الترك واجباً سواء أكان وجوبه استقلالياً أم ضمنياً.
الثالثة ـ ان النواهي الواردة في أبواب العبادات جميعاً نواهي إرشادية فتكون إرشادا إلى مانعية أشياء ، كالقهقهة والحدث والتكلم ولبس ما لا يؤكل والنجس والميتة والحرير والذهب وما شاكل ذلك ، وليست تلك النواهي بنواهي حقيقية ناشئة عن قيام مفسدة ملزمة فيها ، ضرورة انه لا مفسدة فيها أبداً ، بل مصلحة ملزمة في تقيد الصلاة بعدم هذه الأمور.
ولعل النكتة في التعبير عن هذا التقييد بالنهي في مقام الإثبات ، لا بالأمر انما هي اعتبار للشارع كون المكلف محروما عن هذه الأمور حال الصلاة ولأجل ذلك أبرزه بالنهي الدال على ذلك. ولكن بما ان هذا الاعتبار لم ينشأ عن قيام مفسدة ملزمة فيها ، بل هو ناشئ عن قيام مصلحة ملزمة في هذا التقييد ومن ثم يكون مرده إلى اعتبار حصة خاصة من الصلاة ، وهي الحصة المقيدة بعدم هذه الأمور في ذمة المكلف ، فلأجل ذلك يكون هذا نهياً بحسب الصورة وللشكل ، لا بحسب الواقع والحقيقة.
ومما يدل على كون هذه النواهي إرشادية لا حقيقية وجود هذه النواهي في المعاملات بالمعنى الأعم ، ولا شبهة في كون تلك النواهي هناك نواهي إرشادية