إلى مانعية ما تعلق به النهي كالغرر ونحوه ، وليست هي بنواهي حقيقية ، ضرورة ان بيع الغرر وما شاكل ذلك ليس من المحرمات في الشريعة المقدسة ، فالنهي عنه إرشاد إلى فساده.
نعم قد تكون المعاملة محرمة بنفسها كالمعاملة الربوية ، ولكن من المعلوم ان حرمتها ليست من ناحية هذا النهي ، بل هي من جهة دليل آخر يدل عليها ولذا قلنا ان حرمتها لا تستلزم فسادها ، ففسادها انما هو من ناحية هذا النهي ، لا من ناحية النهي الدال على حرمتها. ونظير ذلك في العبادات أيضاً موجود وهو لبس الحرير ، فانه حرام على الرّجال مطلقاً أي سواء أكان في حال الصلاة أم كان في غيره ، ومانع عن الصلاة أيضاً ، ولكن من الواضح جداً ان حرمته الذاتيّة غير مستفادة من النهي عن لبسه حال الصلاة ، ضرورة ان هذا النهي لا يكون الا إرشاداً إلى مانعيته عنها ، ولا يدل على حرمته أصلا ، وحاله من هذه الناحية حال النهي عن بقية الموانع حال الصلاة ، بل لا بد من استفادتها من دليل آخر أو من قرينة خارجية ، كما هو ظاهر.
ومن ذلك يظهر حال الأوامر الواردة في أبواب العبادات بشتى اشكالها ، انها أوامر إرشادية ، فتكون إرشاداً إلى الجزئية أو الشرطية ، كالأمر بالركوع والسجود والقيام واستقبال القبلة والطهور وما شاكلها ، فانها إرشاد إلى جزئية الركوع والسجود للصلاة ، وشرطية القيام والاستقبال والطهور لها.
ومما يؤكد ذلك وجود هذه الأوامر في أبواب المعاملات ، فانه لا إشكال في كون تلك الأوامر هناك إرشادية ، ضرورة ان مثل قوله عليهالسلام : (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل) أو نحوه لا يحتمل فيه غير الإرشاد إلى نجاسة الأبوال ، وان المطهر للثوب المتنجس بها هو الغسل .. وهكذا الحال في بقية الأوامر الواردة فيها.