بنفس ذواتها وأفراد لطبائع شتى مختلفة لكل منها وجود وماهية ، فلا يعقل ان ان تكون مشخصات لذلك الوجود ، لما عرفت من أن الوجود هو نفس التشخص فلا يعقل أن يكون تشخصه بكمه وكيفه وأينه ووضعه وما شابه ذلك ، ضرورة ان لهذه الاعراض وجودات مباينة بأنفسها لذلك الوجود وان كانت قائمة به ، كما هو شأن وجود العرض ، وقد عرفت ان تشخص الوجود بنفس ذاته فيستحيل ان يكون بوجود آخر. وتوهم ان وجود العرض بما انه متقوم بوجود الجوهر خارجا فلأجل ذلك يكون متشخصاً به توهم خاطئ جداً. ضرورة ان قيامه به في مرتبة متأخرة عن وجوده وعليه فلا يعقل أن يكون مشخصاً له مثلا تشخص زيد بنفس وجوده الخارجي لا ببياضه ولا بسواده ولا بكمه ولا بأينه ولا بوضعه وان كان كل وجود في الخارج لا ينفك عن هذه الأمور ، ضرورة ان لكل منها وجوداً في قبال وجوده وكل وجود متشخص بنفس ذاته وفرد من أفراد إحدى المقولات التسع العرضية.
وعلى الجملة فالوجود لا يعقل ان يكون متشخصاً بوجود آخر من دون فرق فيه بين ان يكون الوجودان من طبيعة واحدة أو من طبيعتين كما هو ظاهر. ومن هنا لم يتوهم أحد ولا يتوهم ان وجود جوهر مشخص لوجود جوهر آخر أو ان وجود عرض مشخص لوجود عرض آخر. والسر فيه ما ذكرناه من ان كل وجود متشخص بذاته وممتاز بنفسه عن غيره. ومن الواضح جداً ان هذا الملاك بعينه موجود بين وجود الجوهر ووجود العرض المتقوم به فلا يعقل ان يكون وجود العرض القائم به مشخصاً له ، كما هو واضح. ومن ذلك يتبين ان إطلاق المشخصات على تلك الاعراض الملازمة له خارجاً مسامحة جداً ، لما عرفت من انها لا تعقل ان تكون مشخصات لوجود الجوهر أصلا بل هي وجودات ملازمة له في الخارج فلا تنفك عنه.