واما الخطّ الثاني فيقع الكلام فيه من ناحيتين :
الأولى ـ في بيان مراده (قده) من الحكم الفعلي
الثانية ـ في بيان مراده من الحكم الاقتضائي.
اما الناحية الأولى فان أراد (قده) من الحكم الفعلي الحكم الّذي بلغ إلى مرتبة البعث أو الزجر فقد ذكرنا غير مرة ان بلوغ الحكم إلى تلك المرتبة يتوقف على وجود موضوعه بجميع شرائطه وقيوده في الخارج ضرورة استحالة فعلية الحكم بدون فعلية موضوعه كذلك ، فما لم يتحقق موضوعه خارجا يستحيل ان يكون الحكم فعلياً ، فتتبع فعلية الحكم فعلية موضوعه حدوثاً وبقاء. ومن هنا لا يلزم ان تكون فعليته حين جعله وإبرازه في الخارج ، بل هي غالباً متأخرة عنه ، بل ربما تتأخر عنه بآلاف سنين.
والسر فيه هو ان الأحكام الشرعية مجعولة على نحو القضايا الحقيقية أعني للموضوعات المقدرة وجودها في الخارج ، ولا يتوقف جعلها على وجودها فيه أبدا ، ضرورة انه يصح جعلها لها من دون ان يتوقف على وجود شيء منها في الخارج ـ مثلا ـ وجوب الحج مجعول للعاقل البالغ القادر المستطيع مع بقية الشرائط ، ووجوب الصوم مجعول للبالغ العاقل القادر الداخل عليه شهر رمضان مع سائر الشرائط .. وهكذا ، ولا يتوقف جعلها على وجود موضوعها خارجا ، ولكن فعليه تلك الأحكام وتحققها في الخارج تتوقف على فعلية موضوعاتها ، فمتى تحقق موضوعها تحقق الحكم. ومن ذلك قد ظهر ان فعلية الحكم خارجة عن مفاد الدليل وأجنبية عنه رأسا وتابعة لفعلية موضوعه ، ضرورة ان مفاد الدليل هو ثبوت الحكم على نحو القضية الحقيقية ، ولا يدل على أزيد من ذلك ، فلا نظر له إلى فعليته بفعلية موضوعه أبدا ، لوضوح ان كل قضية حقيقية غير ناظرة إلى وجود موضوعها في الخارج وتحققه فيه ، بل مفادها ثبوت الحكم على