فنقول من هذه المقولات مقولة الكيف النفسانيّ وهي النية فانها أول جزء للصلاة بناء على ما حققناه في بحث الواجب التعبدي والتوصلي من ان قصد القربة مأخوذ في متعلق الأمر وليس اعتباره بحكم العقل ولا يشك أحد في انها ليست تصرفا في مال الغير عرفا ، لتكون منشأ لانتزاع عنوان الغصب في الخارج ومصداقا له ، ضرورة ان الغصب لا يصدق على الأمور النفسانيّة كالنية والتفكر في المطالب العملية أو نحو ذلك من الأمور الموجودة في أفق النّفس ، وهذا من الواضحات الأولية فلا يحتاج إلى البيان.
ومنها التكبيرة التي هي من مقولة الكيف المسموع ولا شبهة في انها ليست متحدة مع الغصب خارجا ، ضرورة انه لا يصدق على التكلم في الدار المغصوبة انه تصرف فيها ، ليكون مصداقا للغصب ومنشأ لانتزاعه.
ودعوى ـ ان التكلم وان لم يكن تصرفا في الدار إلا انه تصرف في الفضاء باعتبار انه يوجب تموج الهواء فيه ، والمفروض ان الفضاء ملك للغير كالدار فكما ان التصرف فيها غير جائز ومصداق للغصب ، فكذلك التصرف فيه ـ خاطئة جداً وغير مطابقة للواقع قطعاً ، وذلك لأن الفضاء وان كان ملكا للغير والتصرف فيه غير جائز بدون اذن صاحبه ، الا ان التكلم كما انه لا يكون تصرفا في الدار كذلك لا يكون تصرفا في الفضاء ، ضرورة انه لا يصدق عليه انه تصرف فيه وعلى تقدير صدق التصرف عليه عقلا فلا يصدق عرفا بلا شبهة. ومن المعلوم ان الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير منصرفة عن مثل هذا التصرف فلا تشمله أصلا ، لأنها ناظرة إلى المنع عما يكون تصرفا عند العرف ، وما لا يكون تصرفا عندهم فلا تشمله وان كان تصرفا بنظر العقل كمسح حائط الغير باليد مثلا فانه ليس تصرفا عند العرف ، ولذا لا تشمله الأدلة ، فلا يكون محكوماً بالحرمة وان كان تصرفا عند العقل.