والحاصل ان التكلم في الدار المغصوبة ليس تصرفا فيها ولا في قضائها لا عقلا ولا عرفا أولا. وعلى فرض كونه تصرفا فيه عقلا فلا ريب في انه ليس تصرفا عرفا ، ومعه لا يكون مشمولا لتلك الأدلة ثانياً.
ومن هنا لو نصب أحد مروحة في مكان توجب تموج الهواء في فضاء الغير فلا يقال انه تصرف في ملك الغير ، وهذا واضح.
ومن ذلك يظهر حال جميع أذكار الصلاة كالقراءة ونحوها ، ضرورة ان الغصب لا يصدق عليها.
وبكلمة أخرى ان الغصب هنا منتزع من ماهية مباينة لماهية التكلم في الخارج ، فان الغصب في المقام منتزع من الكون في الدار ، وهو من مقولة الأين ، والتكلم من مقولة الكيف المسموع فيستحيل اتحادهما في الخارج واندراجهما تحت مقولة واحدة.
فالنتيجة ان التكبيرة وما شاكلها غير متحدة مع الغصب خارجا.
ومنها الركوع والسجود والقيام والقعود ، والصحيح انها أيضاً غير متحدة مع الغصب خارجا ، والوجه في ذلك هو ان هذه الأفعال من مقولة الوضع ، فانها هيئات حاصلة للمصلي من نسبة بعض أعضائه إلى بعضها الآخر ونسبة المجموع إلى الخارج. والوضع عبارة عن هيئة حاصلة للجسم من نسبة بعض اجزائه إلى بعضها الآخر ونسبة المجموع إلى الخارج وهذه الهيئات هي حقائق تلك الأمور التي تعتبر في الصلاة. ومن الواضح جدا ان تلك الهيئات ليست بأنفسها مصداقا للغصب ومتحدة معه في الخارج ومنشأ لانتزاعه ، ضرورة عدم صدق التصرف عليها بما هي ، لتكون كذلك ، بل يستحيل ان تتحد مع الغصب ، لفرض انه في المقام منتزع من الكون في الأرض المغصوبة وهو من مقولة الأين ، وتلك الهيئات من مقولة الوضع ، وعليه فيستحيل اتحادهما خارجا.