ويردها أولا ـ ان الإجماع غير ثابت وانما هو إجماع منقول وهو ليس بحجة وعلى تقدير ثبوته فهو انما يكون حجة إذا كان تعبدياً لا فيما إذا كان محتمل المدرك أو معلوما ، ضرورة انه في هذا الحال لا يكون كاشفاً عن قول المعصوم عليهالسلام فلا يكون حجة والإجماع المدعى في المقام ، على تقدير تسليمه بما انه محتمل المدرك لاحتمال ان من بقول بصحة الوضوء أو الغسل هنا انما يقول به من جهة توهم اشتماله على الملاك ، أو من ناحية تخيل ان المؤثر في الحكم انما هو الجهات الواصلة دون الجهات الواقعية ، فاذن لا بد من النّظر في هذين الأمرين :
اما الأمر الأول فقد عرفت انه لا مجال له أصلا ، ضرورة انه لا طريق لنا إلى إحراز انه مشتمل على الملاك في هذا الحال كما مر آنفاً.
واما الأمر الثاني فقد نشأ من الخلط بين الجهات المؤثرة في الأحكام الشرعية والجهات المؤثرة في الأحكام العقلية ، فان المؤثر في الأحكام العقلية وهي الحسن والقبح انما هو الجهات الواصلة ، ضرورة ان العقل لا يحكم بحسن شيء وقبح شيء آخر ، إلا فيما إذا أحرز ما هو المؤثر فيهما ، لما ذكرناه من انه لا واقع موضوعي لهما ما عدا إدراك العقل استحقاق الفاعل المدح على فعل واستحقاقه الذم على آخر. ومن الواضح جدا ان العقل لا يحكم بذلك إلا إذا أحرز انطباق عنوان العدل عليه في الأول ، وانطباق عنوان الظلم في الثاني ، حيث ان حكم العقل بقبح الظلم وحسن العدل ذاتي وغير قابل للانفكاك أبدا ، ولا يحتاج إلى علة خارجة عن مقام ذاتهما ، ضرورة ان الذاتي غير قابل للتعليل بشيء ، من دون فرق في ذلك بين ان يكون الذاتي ذاتي باب البرهان ، أو ذاتي باب الكليات كالجنس والفصل ، وهذا واضح.
واما حكمه بقبح غيرهما من الأفعال الاختيارية أو حسنها فهو ليس بالذات بل من ناحية انطباق عنوان الظلم عليها أو العدل مثلا ضرب اليتيم إذا كان للتأديب