وجودها .. وهكذا.
وبكلمة أخرى ان لازم فرض تعين معلولين متباينين في مرتبة ذات العلة لا بد من فرض جهتين متباينتين فيها لا اشتراك بينهما أصلا ، ليكون المؤثر في أحدهما جهة وفي الآخر جهة أخرى بملاك قاعدة السنخية التي هي معتبرة بين العلل والمعاليل الطبيعية ، بداهة يستحيل ان يكون المؤثر فيهما جهة واحدة شخصية ، وهذا خلف.
وبعد ذلك نقول : ان ما ذكرناه من البرهان على استحالة صدور الواحد عن الكثير واستحالة صدور الكثير عن الواحد لا يجري في الواحد النوعيّ ، ضرورة انه لا مانع من صدور الكثير عن الواحد بالنوع ، فان مرده بحسب التحليل والواقع إلى صدور كل معلول شخصي عن فرد منه ، واسناد صدوره إلى الجامع باعتبار ذلك ، كما هو واضح. ومن المعلوم ان البرهان المزبور لا يمنع عن ذلك أصلا ، كما انه لا يمنع عن صدور الواحد النوعيّ عن الكثير ، فانه خارج عن موضوع تلك القاعدة ، حيث ان مرده إلى استناد كل فرد إلى علة أو كل مرتبة منه إليها ، كالحرارة المستندة إلى إشراق الشمس مرة ، وإلى النار مرة أخرى وإلى الغضب مرة ثالثة ، وإلى الحركة مرة رابعة ، وإلى القوة الكهربائية مرة خامسة .. وهكذا ، كما انه عند اجتماع تلك الأسباب والعلل على شيء يكون المؤثر في إيجاد الحرارة فيه هو المجموع لا كل واحد منها ، ولذا لو كان واحد منها لم يوجد فيه إلا مرتبة ضعيفة منها والمفروض ان المجموع قد أوجد فيه مرتبة شديدة تنحل إلى مراتب متعددة ، فيستند كل مرتبة منها إلى واحد منها لا الجميع ، ومن الواضح ان هذا خارج عن موضوع القاعدة المذكورة لاختصاصها كما عرفت بالواحد الشخصي من تمام الجهات ، وهذه الحرارة المستندة إلى الجميع ليست واحدة من تمام الجهات ، بل هي ذات مراتب متعددة وكل مرتبة منها