كما يمكن ان يكونا كذلك يمكن ان يكون أحدهما من مقولة والآخر من مقولة أخرى أو ان يكون أحدهما امراً وجودياً والآخر امراً عدمياً ، ومن المعلوم انه لا يمكن تصوير جامع حقيقي بينهما في أمثال ذلك كما هو واضح.
وثالثا ـ لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان ما أفاده (قده) صحيح إلا ان الجامع المزبور مما لا يصلح أن يكون متعلقاً للأمر ، ضرورة ان متعلق الأمر لا بد ان يكون امراً عرفياً ، قابلا للإلقاء إليهم. واما هذا الجامع المستكشف بالبرهان العقلي فهو خارج عن أذهانهم ، وغير قابل لأن يتعلق به الخطاب ، لوضوح ان الخطابات الشرعية المتوجهة إلى المكلفين على طبق المتفاهم العرفي ، ولا يعقل تعلق الخطاب بما هو خارج عن متفاهمهم ، وحيث ان هذا خارج عنه فلا يعقل تعلق الخطاب به.
واما النقطة الثانية فيرد عليها أولا انها مخالفة لظواهر الأدلة ، فان الظاهر من العطف بكلمة (أو) هو ان الواجب أحدهما لا كلاهما.
وثانياً ـ ان فرض كون الغرضين متضادين فلا يمكن الجمع بينهما في الخارج مع فرض كون المكلف قادراً على إيجاد كلا الفعلين فيه بعيد جداً ، بل هو ملحق بأنياب الأغوال ، ضرورة انا لا نعقل التضاد بين الغرضين مع عدم المتضادة بين الفعلين ، فإذا فرض ان المكلف متمكن من الجمع بينهما خارجاً فلا مانع من إيجابهما معاً عندئذ.
وثالثاً ـ انا لو سلمنا ذلك فرضاً وقلنا بالمضادة بين الغرضين وعدم إمكان الجمع بينهما في الخارج. إلا أن من الواضح جداً انه لا مضادة بين تركيهما معاً فيتمكن المكلف من ترك كليهما بترك الإتيان بكلا الفعلين خارجاً. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان العقل مستقل باستحقاق العقاب على تفويت الغرض الملزم ، ولا يفرق بينه وبين تفويت الواجب الفعلي. ومن ناحية ثالثة ان فيما نحن فيه