بما انه مستند إلى اختياره فلا ينافي العقاب ، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار ، هذا هو واقع تلك القاعدة. ومن الطبيعي انه لا فرق في ذلك بين التكليف الوجوبيّ والتحريمي أبداً. نعم تمتاز التكاليف التحريمية عن التكاليف الوجوبية في نقطة أخرى وهي ان في موارد التكاليف الوجوبية يستند امتناع فعل الواجب في الخارج كما عرفت على ترك المقدمة اختياراً ، وفي موارد التكاليف التحريمية يستند امتناع ترك الحرام كالمثال المتقدم وما شاكله إلى فعل المقدمة ، ولكن من المعلوم انه لا أثر لهذا الفرق بالإضافة إلى الدخول في موضوع القاعدة كما مر.
واما النقطة الثانية فلأنه لا فرق في الدخول في كبرى تلك القاعدة بين ان يكون الامتناع الناشئ من الاضطرار بسوء الاختيار تكوينياً كامتناع فعل الحج يوم عرفة لمن ترك المسير إليه وما شابه ذلك أو تشريعياً ناشئاً من إلزام الشارع بفعل شيء أو بتركه ، فان الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي ، ضرورة ان الميزان في جريان هذه القاعدة كما عرفت هو ما كان امتناع الامتثال مستنداً إلى اختيار المكلف ، ومن الطبيعي ان الامتثال قد يمتنع عقلا وتكويناً وقد يمتنع شرعاً. ومن المعلوم انه لا فرق بينهما من ناحية الدخول في موضوع القاعدة أصلا إذا كان منتهياً إلى الاختيار ، وهذا واضح.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر فساد جميع هذه الوجوه :
اما الوجه الأول فلأنه مبني على اختصاص القاعدة بموارد الامتناع التكويني ، ليختص جريانها بما إذا عرضه الامتناع في الخارج تكويناً وكان ذلك بسوء اختيار المكلف كالإتيان بالحج يوم عرفة لمن ترك المسير إليه وكحفظ النّفس المحترمة لمن ألقى نفسه من شاهق ـ مثلا ـ وما شابه ذلك ، وعليه فلا محالة لا تشمل مثل الخروج عن الدار المغصوبة ، لفرض انه غير ممتنع تكويناً