وهي داعية إلى إنشائه واعتباره ، فهي غالباً تترتب على كل فرد من افرادها في الخارج ، ويكون كل منها مشتملا على مفسدة مغايرة لمفسدة أخرى. ومن الواضح جداً ان لازم هذا هو انحلال النهي بانحلال افراد الطبيعة المنهي عنها ، وذلك على وفق ما هو المرتكز في أذهان العرف والعقلاء والفهم العرفي من النواهي وهذا بخلاف ما إذا فرض ان المفسدة قائمة بصرف وجودها ، أو بمجموع وجوداتها ، أو بعنوان بسيط متحصل من هذه الوجودات في الخارج ، فان فهم ذلك يحتاج إلى بيان من المولى ونصب قرينة تدل عليه ، واما إذا لم تكن قرينة على قيامها بأحد هذه الوجوه ، فالإطلاق في مقام الإثبات كما عرفت قرينة عامة على قيامها بكل فرد من افراد تلك الطبيعة.
وعلى هدي ذلك فإذا نهى المولى عن طبيعة ولم ينصب قرينة على ان المفسدة قائمة بصرف وجودها حتى لا تكون مفسدة في وجودها الثاني والثالث. وهكذا أو قائمة بمجموع وجوداتها وافرادها على نحو العموم المجموعي ، أو بعنوان بسيط متحصل منها كان الارتكاز العرفي ولو من ناحية الغلبة المزبورة قرينة على ان النهي تعلق بكل فرد من افرادها ، وان المفسدة قائمة بتلك الطبيعة على نحو السريان والانحلال ، فيكون كل واحد منها مشتملا عليها.
وبكلمة واضحة ان قيام مفسدة بطبيعة يتصور في مقام الثبوت على أقسام
الأول ـ ان تكون قائمة بصرف وجود الطبيعة ولازم ذلك هو ان المنهي عنه صرف الوجود فحسب ، فلو عصى المكلف وأوجد الطبيعة في ضمن فرد ما فلا يكون وجودها الثاني والثالث. وهكذا منهياً عنه أصلا.
الثاني ـ ان تكون قائمة بمجموع افرادها على نحو العموم المجموعي ، فيكون المجموع محرماً بحرمة واحدة شخصية ولازم ذلك هو ان المبغوض ارتكاب المجموع ، فلا أثر لارتكاب البعض.