أمّا جناية الهبة فالأقرب أنّها تبطل حق رجوع الواهب.
______________________________________________________
ينشأ : من تعلق حق الغرماء بها ، فإنها من جملة أموال المفلّس ، والحرج يقتضي تعلق الديون بجميعها ، ولهذا لا يحجر عليه لو وفّت أمواله مع الهبة بالديون ، وعموم الدلائل الدالة على تعلق حقوق الغرماء بأمواله يتناولها ، واختاره في التذكرة (١).
ومن وجود العين ، وسبق تعلق حق الواهب بها كالمبيع بخيار ، والفرق ظاهر ، فإن الواهب سلّط المتهب على جميع التصرفات في الهبة وأدائها في الدين ، وأعدها لتعلق حق الغرماء بها فلا يكون له إبطاله ، كما لا يكون له إبطال البيع ، بخلاف المبيع بخيار فإن المشتري ممنوع من التصرفات المخرجة عن الملك ، والأول أقوى.
قوله : ( أما جناية الهبة فالأقرب انها تبطل حق رجوع الواهب ).
المراد : جناية العبد الموهوب ، ووجه القرب أن أرش الجناية مقدّم على الملك الحقيقي وحق الواهب أضعف ، ولأن تصرف الموهوب منه مانع من الرجوع فتعلق الجناية ، أولى ، ويحتمل العدم لأنه حق أسبق.
والتحقيق : انه إن أراد ببطلان حق رجوع الواهب : كونه لا يستحق استرجاع العين إذا أخذها المجني عليه في الجناية فهو صحيح ، إلاّ انه لا معنى لقوله : ( الأقرب ) إذ لا يحتمل مقابله أصلا. وإن أراد : انه ليس له الرجوع بحال فلي كذلك ، فإنه لا منافاة بين الرجوع وبقاء حق الجناية حتى لو كانت الجناية خطأ كان له فداء الجاني بالأرش ، ولو كانت عمدا ورضي المجني عليه به كان له بذله والاختصاص بالعين ، ولا معنى للأقرب هنا أيضا.
فإن قيل : أي فرق بين تعلق حقوق غرماء المتهب المفلس وبين تعلق أرش الجناية.
قلنا : الفرق أظهر من الشمس ، لأن تعلق حقوق الغرماء يقتضي نبوت مالية
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٤٢٠.