ج : الأقرب عود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة إلاّ مع القرينة.
______________________________________________________
إلى الأول دون المستثنى منه بمثل ما قلناه.
قوله : ( الأقرب عود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة إلاّ مع القرينة ).
اختلف في أن الاستثناء الواقع بعد جمل هل يرجع الى الجميع أم يختص بالأخيرة؟ فقال جمع ـ منهم الشافعي ـ بالأول (١) ، وقال آخرون بالثاني وهو قول أبي حنيفة (٢) ، وقال السيد المرتضى بالاشتراك (٣) ، وفصّل أبو الحسين بأنه إن ظهر الإضراب عن الأولى بأن يختلفا نوعا ـ سواء اتحدت القضية كالقذف ، أو لا كقوله : أكرم ربيعة والعلماء هم الفقهاء ـ أو اسما وحكما ويتحد النوع مثل : أكرم ربيعة وأطعم مضر إلاّ الطوال أو أحدهما ، وليس الثاني ضميرا مثل أطعم ربيعة وأطعم مضر ، أو أطعم ربيعة ، وأكرم ربيعة إلاّ الطوال فإنّ الاستثناء يرجع الى الأخيرة. وإن تعلّقت إحداهما بالأخرى بأن أضمر حكم الاولى في الثانية مثل أكرم ربيعة ومضر إلا الطوال ، أو اسم الاولى مثل أكرم ربيعة وأخلع عليهم إلاّ الطوال عاد الى الجميع (٤).
وهذا التفصيل حسن إلاّ إنّه لا يكاد يخرج عن القول الثاني ، لأنّه جعل مدار عود الاستثناء الى الجميع أو الى الأخيرة على قرائن الأحوال ، فالقول الثاني أقوى ووجهه : أنّ التخصيص على خلاف الأصل فيقتصر فيه على موضع اليقين ، والعود إلى الأخيرة مقطوع به ، والباقي محتمل فيجب التمسك فيه بالأصل وهو إجراء اللفظ على ظاهره حتى يتحقق الناقل عنه.
ولأن الظاهر أنّ المتكلم لم ينتقل عن الجملة إلى غيرها إلا بعد استيفاء غرضه منها ، ولاستلزام العود الى الجميع إضمار الاستثناء في كل جملة ، أو كون العامل
__________________
(١) السراج الوهاج : ٢٦٠.
(٢) بدائع الصنائع ٧ : ٢١١.
(٣) مسألة في الاستثناء ( رسائل السيد المرتضى ) المجموعة الثانية : ٧٩.
(٤) نقله عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٩ : ٢٩٩.