أمّا الموقوف عليه فيشترط قبضه في صحة الوقف ، ولو رده بطل ، ولو سكت ففي اشتراط قبوله إشكال أقربه ذلك ،
______________________________________________________
قوله : ( أمّا الموقوف عليه فيشترط قبضه في صحة الوقف ولو ردّه بطل ).
قد تقدم ما يعتبر من قبل الواقف من النطق بالصيغة صريحا ، أو كناية مع القرينة أو النية ، وهذا بيان ما يعتبر من قبل الموقوف عليه وهو اشتراط قبضه في الصحة ، ولا خلاف في ذلك وكذا اشتراط عدم ردّه ، فلو ردّ بطل كما في الوصية ، سواء قلنا باشتراط القبول أم لا ، خلافا لبعض الشافعية (١) محتجا بأنّه دخل في ملكه بمجرد الإيقاع ولزومه لمن لا يشترط القبول ظاهر لكن ينبغي أن يكون ذلك مع تحقق القبض.
وأمّا اشتراط القبول فقد أشار إليه المصنف بقوله : ( ولو سكت ففي اشتراط قبوله إشكال أقربه ذلك ) ولا يخفى إنّه لو سكت عن قوله : ( لو سكت ) لكان أولى ، لأنّ اشتراط القبول وعدمه لا يختلف بسكوته وعدمه.
وتحقيق المسألة : إنّه هل يشترط لصحة الوقف القبول أم لا فيه إشكال ينشأ : من إطلاقهم صحة الوقف وانعقاده عند وجود لفظ الوقف والإقباض من غير تقييد بالقبول ، ولأنّه إزالة ملك فكفى فيه صيغة الإيجاب كالعتق ، واستحقاق الموقوف عليه للمنفعة كاستحقاق العتيق منفعة نفسه.
ومن اطباقهم على أنّه عقد فيعتبر فيه الإيجاب والقبول كسائر العقود ، ولأن إدخال شيء في ملك الغير موقوف على رضاه ، لأن الأصل عدم الانتقال بدونه ، وحصول الملك على وجه قهري كالإرث يتوقف على نصّ الشارع ، وهو منتف هنا ، ولا دلالة في النصوص الواردة في هذا الباب على عدم حصول القبول ، وللشك في تمامية السبب بدونه فيستصحب ثبات الملك على المالك ، ورجحان هذا الوجه هو وجه القرب
__________________
(١) انظر : الوجيز : ٢٤٧ ، مغني المحتاج ٢ : ٣٨٣ ، المجموع ١٥ : ٣٤٠.