______________________________________________________
والاحتمال الأول ـ وهو تقديم قول المقر ـ قول الشيخ رحمهالله محتجا بأصالة البراءة وشغل الذمة يحتاج الى دليل (١).
والاحتمال الثاني ـ وهو تقديم قول المقر له ـ قول ابن إدريس واحتج بما اعترض به الشيخ ، وهو أن لفظة عليّ تقتضي الإيجاب في الذمة بدليل أنه لو قال : الألف التي على فلان عليّ كان ذلك ضمانا ، فإذا أقر كذلك فقد ألزم ذمته مالا وجاء بمال آخر فلم يسقط ما لزم في الذمة ، كما لو أقر بثوب ثم جاء بعبد فإن العبد له ويطالب بالثوب. (٢)
وجوابه ما أجاب به الشيخ ، وهو أن لفظة عليّ وإن اقتضت الإيجاب فقد يكون لحق في الذمة فيجب عليه تسليمه بإقراره ، وقد يكون في يده فيجب رده وتسليمه الى المقر له بإقراره فبأيهما فسره كان مقبولا ، كما لو قال : عليّ ثوب كان له تعيينه من أي نوع شاء من الأنواع التي يحتملها اللفظ.
ألا ترى أنا أجمعنا على أنّه إذا قال : لفلان عليّ ألف درهم وديعة قبل منه ذلك ، ولو كان قوله : لفلان عليّ ألف يقتضي الذّمة وجب ألاّ يقبل تفسيره بالوديعة ، لأنّه أقر بألف ثم عقّبه بما يسقطه ، فلما أجمعنا على قبول تفسيره بذلك دلّ على ما ذكرناه.
على أنّ حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ، كما في قوله تعالى ( وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ) (٣). أي عندي ، وقوله تعالى ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) (٤) يعني على ، فيجوز أن يكون قوله : عليّ يريد به عندي وإنّما جعلنا قوله : الألف التي على فلان
__________________
(١) المبسوط ٣ : ١٩.
(٢) السرائر : ٢٨٣.
(٣) الشعراء : ١٤.
(٤) طه : ٧١.