ولو قال : له عليّ ألف ودفعها ، ثم قال : كانت وديعة وكنت أظنها باقية فبانت تالفة لم يقبل ، لأنه مكذب لإقراره ، أما لو ادعى تلفها بعد الإقرار قبل بالبينة.
______________________________________________________
لكن عدم القبول هنا أولى ، لأنّ ما في الذمّة لا يكون وديعة ، فإنّ الوديعة هي العين المستناب في حفظها ، وما في الذمة ليس عينا.
وليس ببعيد القبول ، لأنّ قوله : كانت وديعة لا ينافي تجدد ثبوتها في الذّمة بتلف قارنه الضمان ، وغاية ما يلزم ارتكاب المجاز في حكمه بأن المأتي به كان وديعة ، فإنّ الوديعة حقيقة هو التالف والمأتي به بدله. ولا محذور في المجاز إذا دلّ عليه دليل ، خصوصا إذا كان شائعا في الاستعمال.
قوله : ( ولو قال : له عليّ ألف ودفعها ، ثم قال : كانت وديعة وكنت أظنها باقية فبانت تالفة لم يقبل ، لأنّه مكذّب لإقراره ).
لأنّ تفسيره يقتضي أن يكون إقراره لاغيا ، حيث أنّه لو تم تفسيره لم يكن عليه شيء حال الإقرار به ، لكن لا بد أن يكون تلفها منزّلا على وجه لا ضمان معه إذ مع الضمان لا تكذيب. ولا يخفى أنّ قوله : ( ودفعها ) لا دخل له في الحكم ، إذ لا يتفاوت الحال بعدمه.
وفي التذكرة لم يأت بهذا القيد بل قال : ولو قال : لك عليّ ألف ثم قال : كانت وديعة وكانت تلفت قبل إقراري وكنت أظن إنّها باقية لم يقبل منه ، لأنّه كذّب بهذا إقراره (١). وقيد في الدروس تبيّن تلفها بكونه بغير تفريط (٢).
قوله : ( أمّا لو ادعى تلفها بعد الإقرار قبل بالبينة ).
لعدم المنافاة للإقرار فتكون دعوى مستأنفة ، ومن هذا يعلم أنّ قوله سابقا :
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٦٨.
(٢) الدروس : ٣١٣.