______________________________________________________
وثانيا : بأنه ليس في الروايتين ما يدل على نجاسة العجين صريحا ، أما الاولى فلأن المسؤول عنه فيها العجين الذي عجن بماء البئر الذي ماتت فيه الفأرة ، وهو غير معلوم النجاسة ، وأما الثانية فليس فيها ما يدل على نجاسة الميتة الحاصلة في الماء ، فجاز أن تكون طاهرة ، وأن يكون قوله عليهالسلام : « أكلت النار ما فيه » كناية عن زوال الاستقذار الحاصل من ذلك ، فتأمل.
واعلم : أنّ العلاّمة ـ رحمهالله ـ في المنتهى توقف في العمل بالرواية المتضمنة لبيع العجين النجس ممن يستحل الميتة ، ثم قال : ويمكن أن يحمل البيع على غير أهل الذمة وإن لم يكن ذلك بيعا في الحقيقة (١). وهو غير جيد ، فإن العجين النجس عين مملوكة يمكن الانتفاع بها نفعا محللا في علف الحيوان وغيره ، فلا مانع من جواز بيعه من المسلم مع الإعلام بحاله كالدهن النجس ، وكذا من مستحله من أهل الذمة وغيرهم ، لعدم ثبوت كون ذلك مأثما حتى يتعلق به النهي في قوله تعالى ( وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٢) ولما رواه الشيخ بسندين أحدهما صحيح والآخر حسن ، عن الحلبي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « إن اختلط الذكي بالميتة باعه ممّن يستحل الميتة ، وأكل ثمنه » (٣).
تنبيه : لو رقق العجين النجس ثم وضع في الماء الكثير بحيث علم وصول الماء إلى جميع أجزائه طهر بذلك ، وكذا الكلام في الحنطة والسمسم إذا انتقعا في الماء النجس ، واكتفى العلاّمة في المنتهى في تطهيرهما بأن يغسلا ثلاثا في القليل ويتركا حتى يجفّا في
__________________
(١) المنتهى ( ١ : ١٨٠ ).
(٢) المائدة : (٢).
(٣) التهذيب ( ٩ : ٤٨ ـ ١٩٩ ) وص ( ٤٧ ـ ١٩٨ ) ، الوسائل ( ١٢ : ٦٧ ، ٦٨ ) أبواب ما يكتسب به ب (٧) ح ( ١ ، ٢ ).