في أنّ شغل الذمّة بالصلاة يقيني كما أن بعد التمكن من التراب خاصة أيضا كذلك ، وبعد التمكن منهما لو اخترنا التراب فلا شك في حصول البراءة ، وأمّا لو اخترنا الحجر فلا يحصل العلم بل ولا الظنّ بحصول البراءة حينئذ ، لما عرفت من تعارض الأدلة والأمارات بحيث لا يمكن ترجيح يعتمد عليه ويستند إليه ، سيّما في مقام تحصيل البراءة عن شغل الذمّة اليقيني.
وأمّا بعد العجز عن التراب ووجود مثل الحجر فيحصل للمجتهد ـ بملاحظة بعض الأخبار المتضمّنة لكون التيمم بالأرض ـ الظنّ بوجوب التيمم بما يسمى أرضا ، أي شيء كان ، وأنّه لا تفوت الصلاة إلاّ أن تفوت الأرض أصلا وبالمرة (١).
وبالجملة : دلالتها على كون التيمم بالأرض من حيث هي أرض ظاهرة في الجملة لا تأمّل فيها ، إلاّ أنّ عمومها وشمولها لجميع الأحوال والأوقات حتى مع وجود التراب ـ بحيث يقاوم ذلك العموم والشمول مقتضى ما دل على خصوص التراب وظهر منه ، بل ويغلب عليه إلى أن يحصل للمجتهد الظن والوثوق والاعتماد على تيمم الحجر أيضا ـ محلّ نظر ، يظهر وجهه من ملاحظة ما ذكرناه في الحواشي السابقة.
كما أنّ شمول ما دل على التراب لجميع الأحوال والأوقات ـ حتى حال فقد التراب ـ واقتضاءه ترك الصلاة وفوتها حينئذ بحيث يقاوم دلالة تلك الأخبار المقتضية لكون التيمم على الأرض من حيث هي أرض واجبا وصحيحا ، وأنّ الصلاة لا تفوت إلاّ بفوت جميع ما هو أرض ، وعدم وجدان أرض أصلا ورأسا أيضا محلّ تأمّل ، هذا.
__________________
(١) راجع ص ١٠٦.