قوله : وقد استثني من هذه الكلّية أشياء. ( ٣ : ١٦٣ ).
وشمول الكليّة لمثل دود القزّ ونحل العسل والبقّ والذباب والبرغوث محلّ تأمّل من أصله ، لعدم كونها بحيث تكون لها قابلية الأكل ومن شأنها ذلك ، لعدم تبادر مثل تلك من الخبر ، بل وعدم تبادر الإنسان أيضا ، فلا يحتاج إلى القول بأنّ القزّ خارج بالإجماع والأخبار والاجتناب عن غيره ، مع أنّه ربما يظهر من طريقة المسلمين في الأعصار عدم الاجتناب عن عرق الإنسان وريقه ووسخه وأمثال ذلك ، وكذا الذباب والبرغوث والعسل والشمع ، بل ربما يظهر بعضها من الأخبار أيضا ، فتأمّل.
ثم اعلم أنّ الظاهر من غير واحد من الفقهاء أنّ المنع غير مختصّ باللبس ، بل شامل للاستصحاب أيضا (١) ، لأنّهم يذكرون الأخبار الدالة على ذلك في جملة أدلتهم من دون تعرّض لكون مدلولاتها غير المطلوب ، بل ويذكرون ما دل على جوازه ويتعرضون للعلاج من غير تعرّض بأنّ ذلك غير المطلوب في المقام ، وسيجيء ما ذكرناه عن الشارح أيضا ، وأرى العلماء وأسمع أنّهم يتنزّهون عنه البتّة.
والأخبار الدالة على المنع : رواية إبراهيم بن محمد ، قال : كتبت إليه : يسقط على ثوبي الوبر والشعر ممّا لا يؤكل لحمه من غير تقيّة ولا ضرورة ، فكتب : « لا تجوز الصلاة فيه » (٢). وما ورد من المنع عن الصلاة في الثوب الذي تحت أو فوق هذه الجلود والأوبار (٣). وما ورد من المنع عن الصلاة
__________________
(١) انظر جامع المقاصد ٢ : ٨١ ، وكشف اللثام ١ : ١٨٤ ، والكفاية : ١٦.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٠٩ / ٨١٩ ، الوسائل ٤ : ٣٤٦ أبواب لباس المصلّي ب ٢ ح ٤.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٩ / ٨ ، التهذيب ٢ : ٢٠٦ / ٨٠٨ ، الوسائل ٤ : ٣٥٧ أبواب لباس المصلّي ب ٧ ح ٨.