بالطهارة لاشتهر منهم غاية الاشتهار بحكم العادة ، وكان العامة ينسبونهم إليه ، ( من حيث كون حكمهم على وفق مشتهى الحكّام ومخالفا لحكمهم ) (١). مع أنّ الأمر صار بالعكس.
وبالجملة : إن كان البناء في الفقه على الترجيحات فلا شك في أنّ الرجحان في طرف النجاسة ، وإلاّ قلّما يتحقّق مسألة فقهية ، بل لا يكاد يوجد ، فتأمّل. وسيجيء في بحث نجاسة الكافر ما ينبغي ان يلاحظ (٢).
لا يقال : وجوب الغسل لا يدل على النجاسة إلاّ بضميمة الإجماع ، كما مرّ (٣) ، ولا إجماع هنا.
لأنّا نقول : الإجماع واقع على أنّ ( الغسل إن كان واجبا فبسبب نجاستها ، وإن لم يكن نجسة فلا يجب غسلها ) (٤) البتّة.
قوله : ولا نعلم مأخذه. ( ٢ : ٢٩٣ ).
لعل المأخذ ، هو الأخبار التي رواها في الكافي في باب أصل تحريم الخمر وبدوه (٥) ، ورواه الصدوق في العلل (٦) أيضا ، إذا يظهر من تلك الأخبار أنّ العصير بمجرّد الغليان يدخل في حدّ الخمر حقيقة.
والصدوق في الفقيه ـ في باب حدّ شرب الخمر ـ قال : قال أبي في رسالته إليّ : اعلم أنّ أصل الخمر من الكرم ، إذا أصابته النار أو غلى من غير
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج ».
(٢) يأتي في ص ١٩٩ ـ ٢٠٢.
(٣) راجع ص ١٨٨.
(٤) ما بين القوسين في « أ » و « و» : وجوب الغسل إن كان فإنّما هو بسبب النجاسة لا غير ، وأنّها إذا لم يكن نجسة لا يكون واجب الغسل.
(٥) الكافي ٦ : ٣٩٣.
(٦) علل الشرائع : ٤٧٧.