والأخبار الدالّة على نجاسة النبيذ أيضا مستفيضة ، كما ستعرف شطرا منها ، وكلها موافقة لفتوى المشهور ، ومنجبرة أيضا بذلك. ولا يمكن الحمل على التقية ، لأنّ العامة يحللونهما ، ويحكمون بطهارتهما أيضا جزما (١) ، ولا يخفى ذلك على من تتبّع الأخبار. فظهر أنّه لا يمكن حمل ما دلّ على نجاسة الخمر على التقية ، كما فعله بعض علمائنا المتأخّرين (٢) ، مضافا إلى ما ستعرفه في الحواشي الآتية.
ويدل أيضا على نجاسة المسكرات المائعة عدم القول بالفصل.
ويدل أيضا أنّ الأمراء والسلاطين في زمانهم عليهمالسلام ـ وهو يوازي ثلاث مائة سنة تقريبا ـ كانوا مولعين بشرب الخمر ، وسائرهما كانوا مولعين بشرب الفقّاع والنبيذ ، بل وقاطبتهم. فلو كانوا عليهمالسلام قائلين بالطهارة لاشتهر منهم اشتهار الشمس بمقتضى العادة وتوفّر الدواعي ، مع أنّهم أظهروا الطهارة مكرّرا ، ومع ذلك الأمر وقع بالعكس ، فإنّ القدماء ادّعوا الإجماع على النجاسة ، والمتأخّرين اتفقوا على ذلك.
قوله : الإجماع نقله الشيخ. ( ٢ : ٢٩٠ ).
وكذا ابن زهرة وابن إدريس (٣).
قوله : على ما ذكره بعض أهل اللغة. ( ٢ : ٢٩٠ ).
يومئ إليه رواية خيران الخادم : أنّه كتب إلى الرجل يسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير ، أيصلّى فيه أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا
__________________
(١) المجموع للنووي ٢ : ٥٦٤ ، المبسوط للسرخسي ٢٤ : ١٧ ، وظاهرهما ان الأكثر قائلون بنجاسة النبيذ المسكر وحرمة شربه وفي المجموع ان أبا حنيفة وطائفة قليلة قالوا بطهارته وحلية شربه.
(٢) انظر مشارق الشموس : ٣٣٣ ، والبحار ٧٧ : ٩٨.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، السرائر ١ : ١٧٨.