والظاهر أنّ الشارح رحمهالله أيضا جوابه عن الأوّل هو ما ذكر.
وأمّا قوله : الإطلاق أعمّ من الحقيقة ، جواب عن الثاني ، لكن لا يخفى أنّ المستدلّ ما أراد إثبات الحقيقة منه ، بل أراد : ما كان فعلها فعل الخمر فحكمه حكم الخمر ، كما يظهر من الحديث حيث قال : « لم يحرّم الخمر لاسمها ».
فظهر أنّ لفظ الخمر حقيقة في الخمر خاصّة. وأمّا غير الخمر ، فحرمته ليست باعتبار كون الخمر اسمه أيضا ، بل باعتبار المشاركة في علّة تحريم الشارع ، وهو السكر.
فظهر أنّ قوله عليهالسلام : « فهو خمر » ليس المراد إلاّ أنّه مثل الخمر في الحكم الشرعي ، ولم يعيّن الحكم الشرعي ، فيكون المراد جميع الأحكام إلاّ ما أخرجه الدليل.
إلاّ أن يقال : إنّ الظاهر المتبادر منها هو الحرمة ، ولا ينصرف الذهن إلى غيرها ، فتأمّل ، لأنّه ربما يظهر من الأخبار دخول النجاسة أيضا ، مثل رواية أبي جميلة : قال كنت مع يونس ببغداد ، وأنا أمشي معه في السوق ، ففتح صاحب الفقّاع فقاعة فقفز (١) فأصاب ثوب يونس فاغتمّ لذلك حتى زالت الشمس ، فقلت : يا أبا محمد إلا تصلّي؟ فقال : لا ، حتى أرجع إلى البيت فأغسل هذا الخمر من ثوبي. فقلت : رأي رأيته أو شيء ترويه؟ فقال : أخبرني هشام بن الحكم أنه سأل الصادق عليهالسلام عن الفقّاع ، فقال : « لا تشربه فإنّه خمر مجهول ، فإذا أصاب ثوبك فاغسله » (٢).
__________________
(١) قفز أي : وثب ، المصباح المنير : ٥١١.
(٢) الكافي ٦ : ٤٢٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٢٨٢ / ٨٢٨ ، الوسائل ٣ : ٤٦٩ أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٥.