بعينه هو نفس فتواهم ، وهذه طريقتهم ، ولا يخفى حسنها ، لأنّ الفتوى فائدتها العمل ، لا مثل طريقة الشارح ومن وافقه ، من أنّهم يناقشون في دليل الفقهاء مناقشات ثم يقولون : إلاّ أنّ العمل على ما ذكروه ، أو ما يقرب هذه العبارة ، مثل أن يقولوا : لا ريب في أنّ اختيار ما ذكروه أولى وأحوط ، وغير ذلك من أمثال هذه العبارات ، حتى أنّه وقع اصطلاح جديد : أنّ مقام الإفتاء غير مقام العمل.
ومنها ما ذكره الشارح هنا ، فإنّه بعد المناقشة الطويلة في أدلة السيد في أنّ التيمم بالتراب ، وتسقيم تلك الأدلة وتضعيفها ، قال : ولا ريب أنّ التيمم بالتراب الخالص أولى وأحوط. وغير خفي أنّه رحمهالله عمله مقصور على ما ذكره مهما أمكنه ، وكذا أمره لغيره مقصور في اختياره في العمل ذلك مهما أمكنه ، كما هو طريقة غيره من فقهائنا في أمثال هذه الأزمان ، وطريقتنا أيضا كذلك ( ولا شك في أنّه متى يمكننا التيمم بالتراب لا نعدل إلى التيمم بمثل الحجر في مقام العمل كما أنّ الشارح أيضا كان كذلك ) (١).
ثم إنّه لو تعذر التراب فلا شك أنّ الشارح كان يتيمم بالحجر وأمثاله في مقام العمل ، وكان يأمر غيره أيضا بذلك في ذلك المقام كما أن غيره من فقهائنا في هذه الأزمان أيضا كذلك ، ونحن أيضا كذلك ، وهذا التفصيل في العمل هو بعينه نفس فتوى المشهور من فقهائنا ، إلاّ من مثل ظاهر عبارة ابن الجنيد والشيخ في الخلاف والمبسوط.
مع أنّا قد أشرنا إلى وجه فتواهم أيضا بأنّه لا شك في أنّ الفتوى منوطة بالظنّ والوثوق والاعتماد فبعد التمكن من التراب والحجر لا شك
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « أ ».