كما ذكر الكليني الأحاديث الظاهرة في الجبر وغيره ، ممّا هو كيف (١) والشيعة مبرّؤن عنه ، من دون إظهار توجيه وتأويل ، وأنّ الظاهر ليس معتقده ، بل وكثيرا ما يروي في فروع الفقه وغيرها أخبارا نجزم أنّه ليس قائلا بظواهرها ، من دون تعرّض منه إلى توجيه ، وكذلك الحال بالنسبة إلى غير الكليني والصدوق ـ رحمهما الله.
ومن هذا روى في الفقيه مقدّما على المرسلة المذكورة مرسلة أخرى ظاهرها طهارة جلد الخنزير ، وعدم انفعال الماء القليل ، وعدم انفعال البئر بالملاقاة (٢) ، مع أنّ شيئا من ذلك ليس برأيه جزما ، فظهر أنّه كان قائلا بها بعنوان التأويل ، كما روى ما يظهر منه وجوب الأدعية والأذكار في التعقيب والأيّام وغيرها.
ويحتمل أن يكون مراده الجلود المدبوغة ، ( ويكون قائلا بالطهارة بالدباغة وأنّها في مقام العمل بالتقية ، ولا تأمّل في ظهورها في الجلود المدبوغة ) (٣) إذ لا يجعل ظرف اللبن والسمن ( غيرها ) (٤) على الدوام ، على ما يشير إليه قوله : « تجعل » الظاهر في الاستمرار التجديدي ، بل لا يبعد في أنّ هذه تكون مضمون صحيحة الحسين بن زرارة عن الصادق عليهالسلام في جلد شاة ميتة يدبغ ويصبّ فيه اللبن والماء ، فأشرب منه وأتوضّأ؟ قال : « نعم » ، وقال : قال : « يدبغ فينتفع به ولا يصلّى فيه » الحديث (٥).
قوله : وإطلاق الروايتين. ( ٢ : ٢٧٠ ).
__________________
(١) كذا في النسخ ، ولعله تصحيف.
(٢) الفقيه ١ : ٩ / ١٤.
(٣) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د ».
(٤) في النسخ : وغيرهما ، والظاهر ما أثبتناه.
(٥) التهذيب ٩ : ٧٨ / ٣٣٢ ، الوسائل ٢٤ : ١٨٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٣٤ ح ٧.