على أنّا نقول : الظاهر من الأخبار والآثار أنّ الاجتهاد كان اصطلاحا في العمل بالرأي من دون استناد إلى النص بل بمجرّد الرأي والاستحسان ، ولذا صرّح بحرمته من صرّح من قدمائنا مثل السيد المرتضى رحمهالله (١) فلاحظ كلامهم حتى يظهر ما ذكرناه لك ، فحرمة ذلك كان من شعار الشيعة وضروريات مذهبهم ، كما يظهر من هذا الخبر.
فحاصل اعتراضه : أنّكم تحرّمون وتنكرون علينا ، وفي هذه الصورة توافقوننا.
وحاصل الجواب : أنّه يجب تحصيل العلم وعدم الاكتفاء بالاجتهاد ، وبالصلاة إلى أربع وجوه يحصل العلم ، إلاّ أن يرد نص من الشارع بعدم لزوم تحصيل العلم والاكتفاء بالتحرّي ، فإذا أطبقت السماء يجب الصلاة لأربع وجوه مطلقا إلاّ أن ينص الشارع بعدم الوجوب ، فإذا نص فليس حينئذ باجتهاد ، والحاصل : أنّ مقتضى قاعدتنا الصلاة لأربع وجوه ولا تنخرم تلك القاعدة لو فرض صدور نص من الشارع بالتحرّي في صورة خاصّة ، فتأمّل.
مع أنّ الوارد في الأخبار أنّ التحرّي يجزي ، لا أنه يجب بحيث إنّه لو صلّى لأربع وجوه وحصل العلم فعل حراما ، ففي الصورة الخاصّة أيضا مجرّد الإجزاء ، والاجتهاد عندهم حجّة مثل اليقين. والنص بالإجزاء لمّا كان منهم فلعلّه عليهالسلام ما رأى المناسب والمصلحة التصريح بهذا ، لأنّه في صدد الجواب عن اعتراض العامّة ، فتأمّل جدّا ، فإنّ وجه عدم المصلحة أنّهم عليهمالسلام ما كان يعجبهم الإظهار عند أمثال هؤلاء من العامّة أنّهم بأنفسهم شرع وأنّ
__________________
(١) انظر الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٣٦.