ويبقى الكلام في وجه الترجيح وحمل الخلاف على الاستحباب.
وما ذهب اليه ابن إدريس أقوى بالنسبة إلى الأُصول وظواهر كثيرٍ من الأخبار واشتراكه في أدلّة المشهور كما ذكرنا ، والمشهور بالنسبة (١) إلى الشهرة ومطابقته للإطلاقات.
ولا ريب أنّ الاحتياط مع مذهب ابن إدريس ، سيّما فيما لو كان أكثر من رجلين.
ولعلّ التفصيل كما هو مضمون الروايتين بل الروايات ليس بذلك البعيد ، كما يظهر ذلك من بعض المتأخّرين (٢) ، لعدم ظهور الإجماع المركّب ههنا (٣).
ثم بعد البناء على التأخّر أو الأعمّ منه ، فهل الوقوف على اليمين بالتفصيل المذكور واجب أو مستحبّ؟ فيه وجهان ، والمشهور بين الأصحاب أنّه مستحبّ ، بل قال في المنتهي : إنّ هذا الموقف سنّة ، فلو خالف بأن وقف الواحد على يسار الإمام أو خلفه لم تبطل صلاته عند علمائنا أجمع (٤).
وهذا لا ينافي خلاف ابن إدريس ، إذ هو في التقدّم والتأخّر ؛ وكلّ منهما أعمّ من كلّ من اليمين واليسار من وجه ، فتأمّل.
ونقل عن ابن الجنيد القول بوجوب ذلك لظاهر الروايتين (٥) ، وتدلّ عليه أيضاً رواية الحسين بن بشار المدائني : أنّه سمع من يسأل الرضا عليهالسلام عن رجل صلّى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم ، كيف يصنع إذا علم وهو في
__________________
(١) يعني : والمشهور أقوى بالنسبة..
(٢) كالبحراني في الحدائق الناضرة ١١ : ١١٦.
(٣) في «ص» زيادة : بنى أنّه سئل عن الرجل يؤمّ الرجلين ، قال : يتقدّمهما ولا يقوم بينهما ، وعن الرجلين يصلّيان جماعة قال : نعم يجعله عن يمينه لا ينحصر.
(٤) المنتهي ١ : ٣٧٦.
(٥) قال العلامة في المختلف ٣ : ٨٩ المشهور بين الأصحاب أنّ موقف المأموم وحده أو الجماعة على ما رتّبوه نفل لا فرض ، وقال ابن الجنيد : لا تجوز صلاته لو خالف.