وربما يتوهّم أنّ المراد بالكراهة هنا إنّما هي بالنسبة إلى سائر أفراد الجماعة ، فلا تثبت أفضلية الانفراد عن الجماعة الكفائية ، فيندفع الإشكال.
وأنت خبير بأنّ الظاهر من تلك الأخبار هو أنّ الانفراد أولى منها ، غاية الأمر الإطلاق ، فتخصيصها بالجماعة تعسّف.
ومن هذا ظهر حال جميع ما مرّ سابقاً من كراهة إمامة الحضري والمسافر والمجذوم والأبرص وغير ذلك فافهم.
ثمّ اعلم أنّ إطلاقات الأدلّة التي ذكرناها تشمل الجمعة وغيرها ، لكن صحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام تشعر بخلافه ، قال : «إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة ، وإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربعاً» (١). وجوّز بعض المتأخّرين تخصيصه للأخبار الكثيرة لكونها واردة في الجمعة (٢).
ولا يخفى عدم مقاومتها للإطلاقات الكثيرة ؛ مع أنّها خلاف الظاهر ، فإنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : «قبل أن يركع» قبل أن يفعل تمام الركوع ، فإن الركوع حقيقة في الجميع ، وليس المراد قبل مجموع الركوع ليلزم المحذور ، فيصدق على الراكع أنه قبل تمام الركوع.
ومن هذا يظهر أنّ المراد ببعد الركوع هو بعد تمام الركوع أيضاً ، وإن كان ههنا لا يتفاوت الأمر ، وحمله على ما بعد الشروع تجوّز ، وهو خلاف الأصل ، فالرواية مطابقة للمشهور.
والمعتبر في الإدراك : هو إدراكه راكعاً ، ولا حاجة إلى بقاء الإمام بقدر الذكر الواجب ، وفي صحّته إذا شرع في الانتصاب ولم يتجاوز حدّ الراكع إشكال ، وقد
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٢٧ ح ١ ، التهذيب ٣ : ٢٤٣ ح ٦٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤٢١ ح ١٦٢٢ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة ب ٢٦ ح ٣.
(٢) المدارك ٤ : ٢٠ ، الذخيرة : ٣١١.