الصلاة ، فلو فعله عامداً ، بطلت صلاته ، وهو قول أهل العلم كافة ، لأنّه يخرج به عن كونه مصلّياً ، والقليل لا يبطل الصلاة بالإجماع (١).
ووجه الإشكال في المسألة أنّه لم يرد نصّ يدلّ على أنّ الفعل الكثير يبطل حتّى يرجع فيه إلى العرف ، والإجماع من (الأدلّة القطعية) (٢) فيؤول الكلام إلى أنّ ما أجمع على كونه مبطلاً فهو مبطل ، ولا حاجة إلى إقحام الفعل الكثير.
وأيضاً الاستدلال بالإجماع معللاً بأنّه يخرج عن كونه مصلّياً لا معنى له إلّا جعل ذلك مستنداً للإجماع ، فحينئذٍ لا معنى لحوالة الكثرة والقلّة إلى العرف ، فإنّ مقتضى الاستدلال حينئذٍ أنّ ما يخرج به المصلّي عن كونه مصلّياً فهو مبطل ، وحوالة ذلك إلى العرف أيضاً كما فعلوه لا معنى لها ، إذ هذا منصب الشارع لا العرف.
وإن أُريد به عرف المتشرّعة ، فإن أُريد عوامهم فلا ريب أنّهم يحكمون بكون أكثر ما جوّزه الشارع في الأخبار مخرجاً عن الصلاة ، وإن أُريد عرف العلماء فهو تابع لمقتضى أدلّتهم ، وليس له معيار يرجع إليه.
وأيضاً اضطرب كلامهم في الرجوع إلى العرف في الفعل الكثير ، فبعضهم يفسّر الكثرة بالأفعال الثلاثة ويتردّد في الاثنين (٣) ، وبعضهم يعبّر عنه بما يكون مخرجاً به عن الصلاة لكثرة طوله ونحو ذلك (٤).
ولا بدّ في تحقيق ذلك من فهم مرادهم ، هل هو أنّ في الكثرة يرجع إلى العرف أو في الفعل يرجع إلى العرف أو في الفعل الكثير؟ وأنّ المراد من الكثير في هذا اللفظ هل هو توصيف عدد الفعل أو زمانه أو غير ذلك؟.
ومن عدم تحقيق هذا المقام صعب الأمر على بعضهم ، حيث فهم الكثرة
__________________
(١) المنتهي ١ : ٣١٠.
(٢) في «م» ، «ح» : الأدلّة العقليّة.
(٣) الذكرى : ٢٢٣.
(٤) مجمع الفائدة ٣ : ٦٩.