فهاهنا مطلبان :
الأوّل : إنّ هذا الحكم إنّما يتمّ بعد إكمال السجدتين على أيّ المعنيين.
والثاني : إنّ حكمه ما ذكر.
أما الأوّل فيرد عليه أنّ الدليل لا يقتضي ذلك ، فإنّه إن كان هو ما دلّ على البناء على الأكثر كما تدلّ عليه روايات عمّار (١) وقد أشرنا إليها ، فهو يتمّ إذا كان شكّه قبل الركوع أيضاً في أنّها ثانية أو ثالثة ، وإن كان هو ما دلّ على أنّ من شكّ في الأوّلتين أو لم يحفظهما فصلاته باطلة (٢) ، ففيه : أنّ ما نحن فيه ليس كذلك ، فإنّ الظاهر منها في الأخبار وكلام جمهور الأصحاب هو إرادة العدد ، والعدد محفوظ بالفرض ، فإنّ المفروض أنّه متيقّن بأنّه دخل في الثانية وتلبّس بها ، وأنّه أتمّها أو يتمّها الان ، لكنه شاكّ في أنّ في هذا الدخول هل هو الدخول في الثانية أو الدخول في الثالثة.
وتؤيّده صحيحة زرارة الاتية في الشكّ بين الثلاث والأربع (٣) ، والمفروض عدم وقوع الشكّ في الأجزاء أيضاً ، مع أنّه غير مضرّ على التحقيق أيضاً كما عرفت ، فأصالة عدم الزيادة تقتضي أن يجعلها ثانية ، فتصحّ صلاته ويتمّ ما بقي ، ولا دليل على البطلان.
وإن كان هو الإجماع كما يظهر من كلمات بعضهم مثل الشهيد الثاني في شرح الألفية حيث قال : إن كان شكّ يتعلّق بالثانية قبل إكمالها يبطل قولاً واحداً ، فله وجه ، ولكن يضعفه تعليله في كثير من العبارات بسلامة الأُوليين ، كعبارة الذكرى ،
__________________
(١) انظر الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩٢ ، والتهذيب ٢ : ١٩٣ ح ٧٦٢ ، وص ٣٤٩ ح ١٤٤٨ ، والاستبصار ١ : ٣٧٦ ح ١٤٢٦ ، والوسائل ٥ : ٣١٧ أبواب الخلل ب ٨ ح ١ ، ٣ ، ٤.
(٢) الوسائل ٥ : ٢٩٩ أبواب الخلل ب ١ ، ٢.
(٣) الكافي ٣ : ٣٥١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٦ ح ٧٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٣ ح ١٤١٦ ، الوسائل ٥ : ٣٢١ أبواب الخلل ب ١٠ ح ٣.