ثم قال : «لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم بنقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد ، فليمضِ أحدكم في الوهم ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشك».
قال زرارة ، ثمّ قال : «إنّما يريد الخبيث أن يطاع ، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم» (١).
والعلّة المنصوصة تفيد العموم في جميع الموارد.
وتقرب منها موثّقة عليّ بن أبي حمزة المتقدّمة فيمن لم يدرِ كم صلّى (٢).
والظاهر أنّ المراد بكثرة الشك في أوّل الحديث كثرة احتمالات الشك ، وفي قوله : «فإنّه يكثر عليه ذلك» كثرة نفس الشك وتعدّده.
وصحيحة الفضيل بن يسار قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أستتم قائماً فلا أدري ركعت أم لا ، قال : «بلى قد ركعت فامض في صلاتك ، فإنّما ذلك من الشيطان» (٣). ووجه الدلالة أنّ ظاهر قوله : «أستتم قائماً» أنّه ليس بعد القراءة ، بل هو بعد الانتصاب عن الركوع ، فليس الشكّ حينئذٍ إلّا لأجل الوسواس وكثرة الشكّ.
وهناك أخبار أُخر تدلّ على عدم الاعتداد بكثرة السهو أيضاً ، منها صحيحة محمّد بن مسلم (٤) ، وعلّل فيها أيضاً بأنّه من الشيطان.
وعبارة كثير من أصحابنا أيضاً أنّه «لا حكم للسهو مع كثرته» ونقل عن ظاهر
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ح ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢٢ ، الوسائل ٥ : ٣٢٩ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٢.
(٢) الفقيه ١ : ٢٣٠ ح ١٠٢٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ ح ٧٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ ح ١٤٢١ ، الوسائل ٥ : ٣٢٩ أبواب الخلل ب ١٦ ح ٤.
(٣) التهذيب ٢ : ١٥١ ح ٥٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ح ١٣٥٤ ، الوسائل ٤ : ٩٣٦ أبواب الركوع ب ١٣ ح ٣.
(٤) الكافي ٣ : ٣٥٩ ح ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٤ ح ٩٨٩ ، التهذيب ٢ : ٣٤٣ ح ١٤٢٤ ، الوسائل ٥ : ٣٢٩ أبواب الخلل ب ١٦ ح ١.