بين الروايتين.
وقد يجمع بينهما بحمل الأُولى على غير قبور الأنبياء والأولياء والذرّية المطهّرة ، والثانية على مثلها كما هو مورد الرواية.
وهما لا يخلوان عن بُعد ، والعمل على المشهور ، للإجماع المنقول ، والروايات.
ويمكن حمل الرواية الثانية على التجصيص ، بمعنى إعمال الجصّ لتنضيد الأحجار والأجر ونحو ذلك. لأجل الاستحكام ، وهو لا يسمّى تجصيصاً في العرف.
وكذلك يكره تجديد القبور ، وقيّده في روض الجنان بما بعد اندراسها على وجه الأرض ، سواء اندرست عظامها أم لا قال : إلّا أن تكون في أرض مسيلة وتندرس عظامها فيحرم تجديدها حينئذٍ وتصويرها بصورة المقابر ، لأنّ ذلك يمنع من هجوم غيره مع زوال حقّه (١).
واستدلّوا على الكراهة برواية أصبغ بن نباتة قال ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام من جدّد قبراً أو مثّل مثالاً فقد خرج عن الإسلام (٢).
واختلف الأصحاب في رواية هذا الخبر ، فعن محمّد بن الحسن الصفار أنّه «جدّد» بالجيم.
وعن سعد بن عبد الله أنّه «حدّد» بالحاء المهملة ، بمعنى التسنيم خلاف التسطيح.
وعن البرقي : أنّه من «جدّث» بالجيم من الجدث بمعنى القبر (٣) ، ولعلّه أراد نبشه وجعله قبراً لميّت آخر ، أو يكون المراد منه التجديد يعني إحياء
__________________
(١) روض الجنان : ٣١٩.
(٢) الفقيه ١ : ١٢٠ ح ٥٧٩ ، التهذيب ١ : ٤٥٩ ح ١٤٩٧ ، الوسائل ٢ : ٨٦٨ أبواب الدفن ب ٤٣ ح ١.
(٣) نقله عنهم في الفقيه ١ : ١٢٠ ، والتهذيب ١ : ٤٥٩ ذ. ح ١٤٩٧ ، والمعتبر ١ : ٣٠٤.