قال في التذكرة : ولأنّ موسى عليهالسلام لما حضرته الوفاة سأل الله عزوجل أن يدنيه إلى الأرض المقدّسة رمية حجر ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «لو كنت ثمّة لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر» (١).
وقيّد الشهيدان (٢) وغيرهما (٣) هذا الحكم بما لو لم يخف هتكه في النقل.
أقول : وتحقيق الهتك لا يخلو عن إشكال ، والظاهر أنّهم أرادوا مثل تأذّي الناس بريحه ، وتلاشي جسده ، وجريان الدم والصديد عنه ، وتقطّع أجزائه واضمحلاله ، وسقوطه من ظهر الدواب المحمول عليها ، فإنّ تلك الأُمور توجب مهانته وذلّة وظهور سوأته ونفرة الطباع منه ، ومع علم الميّت بهذه الأُمور ووصيّته بذلك أو مع العلم من حاله أنّه يرضى بذلك لأجل تحصيل هذه الفائدة العظمى فيشكل المنع لذلك.
ويشاهد في الأحياء أنّهم يرضون بمهانة جزئية إذا كانت محصّلة لفائدة كليّة عظيمة.
نعم يمكن القول بأنّ إيذاء الناس من الرفقاء وأهل القافلة ، سيّما إذا كان الهواء حارّاً ولم يمكن التخلّف عن جماعة المؤمنين ، وحصل بذلك إيذاؤهم ، بل ربّما أوجب مرضهم ، وقد ينجرّ إلى هلاكهم ، فهذا مما يمكن أن يقيّد به الجواز ، وقد يصير التكليف ترك الوصية به أيضاً ، فلا بد أن يلاحظ ذلك ، ويختلف باختلاف الحالات والأوقات.
ثمّ قال في الذكرى : فلو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحبّ الحمل والنقل إليها لتناله بركتهم وبركة زيارتهم ، ولا بأس به (٤) ، هذا في
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٠١ ، وانظر صحيح البخاري ٢ : ١١٣.
(٢) الذكرى : ٦٤ ، حاشية الإرشاد ١ : ١٨٢.
(٣) كالمحقّق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٥٢.
(٤) الذكرى : ٦٥.