وروى الفتح بن محمود عن أبيه أنه قال بنى الإمام الليث داره فهدمها ابن رفاعة عنادا له فى الليل ثم بناها ثانيا فهدمها أيضا فلما كان الليلة الثالثة أتاه آت فى منامه وقال اسمع يا أبا الحارث. «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض» فلما أصبح فاذا ابن رفاعة قد لحقه الفالج ومات بعد ذلك.
وقال محمد بن وهب سمعت الإمام الليث يقول إنى لأعرف رجلا يقول لم يأت الله بمحرم قط ، قال فعلمنا أنه يعنى نفسه بذلك : لأن هذا لا يعلم من أحد وقال أيضا جالست الليث وشاهدت جنازته مع أبى فما رأيت جنازة أعظم منها ولا أكثر خلقا منها ورأيت الناس كلهم عليهم الحزن ويعزون بعضهم بعضا فقلت لأبى كل من هؤلاء الناس صاحب الجنازة؟ قال لا يا بنى ولكن كان عالما كريما حسن العقل كثير لأفضال لا يرى مثله أبدا ولما قدم الشافعى مصر أتى قبر الليث وزاره وقال ما فاتنى شىء أشد على من ابن أبى ذئب والليث بن سعد ، ويروى عن الشافعى رحمه الله تعالى أنه وقف على قبر الإمام الليث بن سعد وقال لله درك يا إمام لقد حزت أربع خصال لم يكملهن عالم ، العلم والعمل والزهد والكرم ، وهو أحد مشايخ البخارى ومسلم ومناقبه أكثر من أن تحصى ولو استوعبنا ذلك لضاق عن هذا المختصر ومولده فى سنة أربع وتسعين ومات سنة خمس وتسعين ومائة ودفن فى مقابر الصدف وكان قبره مسطبة ثم بنى عليه هذا المسجد بعد سنى الأربعين والستمائة وقيل إن الذى بناه ابن التاجر وهو مكان مبارك معروف باجابة الدعاء وزاره جماعة من العلماء رضى الله تعالى عنهم أجمعين.