طول أملك. وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك ، وأسلمك أهلك وحشمك ، وانصرف عنك الحبيب ، وودعك القريب ، وصرت تدعى فلا تجيب ، فلا أنت إلى أهلك عائد ، ولا إلى علمك زائد فاعمل لنفسك قبل القيامة ، وقبل الحسرة والندامة ، وقبل أن يحضر أجلك ، وينزع ملك الموت منك روحك ، فلا ينفعك مال جمعته ، ولا ولد ولدته ، ولا أخ تركته وتصير إلى منزل مضيق ولا تجد أخا ، ولا صديق ، فاغتنم الحياة قبل الموت والزاد قبل الفوت ، والقوة قبل الضعف والصحة قبل السقم قبل أن تؤخذ بالزلل ، ويحال بينك وبين العمل. وكتب هذا فى زمن سليمان بن داود عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وكان أبو الطيب يقول من خلا بالله أظهره الله لعيون الناس ومن خلاله أخفاه عن عيون الناس وكانت وفاة أبى الطيب بن غلبون سنة سبع وثمانين وثلثمائة.
تربة أبو الحسن بن غلبون :
وبالتربة أيضا أبو الحسن بن طاهر بن غلبون صاحب التذكرة والتكملة والقراءة انتهت إليه الرياسة فى زمنه.
وحكى عنه أنه كان لا يجيز من قرأ عليه فى أول عمره فجاءه رجل من الغرب يقال له جعفر بن حميد المكناسى وقرأ عليه القرآن وجمع بالسبع فسأله أن يكتب له إجازة فأبى فقال له إنى لم أقدم من الغرب إلا لأقرأ عليك فلم لا تجيزنى؟ فقال يا بنى إنى أخاف أن يقع منك غلطة فى كتاب الله تعالى أو سهوة فذهب وتركه فلما كان تلك الليلة رأى فى منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له : أجزه ثم أجز من قرأ عليك ، فلما أصبح أرسل خلفه