والده عكف هو على العبادة وحفظ القرآن. ولازم على الاشتغال بالعلم ثم بمعرفة الطريقة ، والانقطاع عن شواغل الدنيا ، وشهوات النفوس ، بل يستعد الموت ويفر من الناس ، كالفرار من الأسد فلما دام على ذلك اشتهر بالإخلاص لإقباله على الأوراد والموارد ، وإرشاد الشارد فقصده المطيع والمعاند ، وانتفع به المعتقد ، وخاب المنتقد ، فشاع ذكره فى الوجه البحرى فأقبل عليه الخاص والعام ، فخاف الفتنة للظهور الشهرة فعزم على الرحيل من بلده وتركها وقصد القاهرة فمر على طريق (تفهنة).
لقاء أبى الغنائم بالشيخ التفهنى :
فرأى الشيخ الصالح القدوة شمس الدين داود بن مرهف التفهنى الشهير بالأعزب فمال إلى الشيخ داود وصحبه وأخذ عنه وألبسه خرقة القطب العارف أبى السعود بن أبى العشائر الواسطى كما لبسها هو منه وأقام عنده حتى أذن له بالمسير إلى القاهرة فدخل إليها ونزل بزاويته المعروفة به ظاهر باب الفتوح فأقام مختفيا من الناس ، ثم واظب على الزيارة بالقرافة وأكثر من التردد إليها فى غالب الأوقات ، وقد اجتمع عليه جماعة وصحبوه وأحبوه فظهر حاله بالقاهرة وأقبل عليه الفقراء والأمراء وأرباب المناصب والقضاة والأغنياء وهو يظهر الغنى لهم.
كرامات الشيخ أبى الغنائم :
وكان يحب الغنم حبا شديدا فاتفق أنه اشترى شاة كبيرة عالية واقفة القرون وطويلة جدا وسماها مباركة فكانت تخرج من عند الشيخ فى أول النهار فتذهب إلى المرعى من غير راع فترعى فى الأماكن المباحة ثم ترجع فى آخر النهار فتنتفع الفقراء والأضياف والجيران بلبنها ، وكثرت أولادها