وهذا النائب إذا قدم إلى حلب من عادته أن ينزل على عين مباركة بعد أن يخرج إلى لقائه القضاة والمقدمون إلى خان طومان ، والمباشرون يلاقونه غالبا إلى حماة ، ثم يصبح فيركب من عين مباركة لابسا تشريفه وتخرج إليه القضاة وجميع الجيش وأرباب المناصب وطوائف المشايخ وأهل الحارات متجملين ومتعددين. فإذا وصل إلى باب القلعة نزل عن فرسه ونزل لنزوله حاجب الحجاب وبقية الحجاب الأربعة ، وتقدم إليه نائب القلعة ومتولي الحجر والنقيب فنزعوا سيفه وحلوا حياصته ، فيصلي ركعتين وهو محلول الوسط وحياصته في عنقه وسيفه بيد والي الحجر ، ثم يقدم إليه العلم السلطاني فيقبله ويقبل الأرض ، ثم يركب ويدخل إلى دار النيابة فيقرأ تقليده بحضرة القضاة والمباشرين وهو واقف على قدميه ، وكلما ذكر الاسم الشريف السلطاني أو ذكر ثناء السلطان عليه في التقليد يأمره حاجب الحجاب بتقبيل الأرض ، ثم يفيض على أرباب المناصب خلعا سنية بحسب مراتبهم ، وقارىء التقليد هو كاتب السر ويكون على كرسي منصوب له واقفا عليه ، ثم في كل يوم اثنين وخميس يركب بالكلفتة والقبا ويركب معه المقدمون وأرباب المناصب من الترك والجند ويسير إلى قبة المارداني ومعه الجاوشية يزعقون بين يديه. ثم يعود فيقف تحت القلعة راكبا وتعرض عليه الخيول والأملاك ويجهر الندا بالأمان للرعية وإظهار العدل. ثم يتقدمه كتائب الأمراء من هناك إلى باب دار العدل وهو مدى طويل ، والأمراء المقدمون ثمانية لكل واحد منهم مماليك عبرتهم أن يكونوا مائة ، فإن موضوع هؤلاء الأمراء أن يكون كل منهم أمير مائة فارس ومقدم ألف ، وقد صار مدة طويلة دوادار من قبل السلطان يكون قائما في خدمة النائب لكنه في الباطن عين عليه ، وكان في الغالب من أمراء الطبلخانات وقد يكون من المقدمين.
وأما نائب القلعة فكان قديما من أصاغر الأمراء ، ثم من فتنة الناصري قرر النائب بالقلعة أمير مائة مقدم ألف ، واستمر الأمر كذلك إلى يومنا هذا ، وليس في نواب قلاع القاهرة ودمشق وغيرها مقدم ألف إلا نائب قلعة حلب خاصة ولم يكن له عادة بحضور الموكب ، ثم صار بعضهم ربما حضر المجلس فيجلس دون أمير الميسرة وأمير الميسرة يجلس إلى جانب حاجب الحجاب.
عودا إلى تمام كيفية الحال في يوم الموكب :
فإذا وصل إلى تجاة القلعة اصطفت البحرية وقوفا له حتى يسلم عليهم ، ثم يدخل الباب فيقدم حاجب الحجاب وعصاه في يده ويمشي في خدمته إلى قرب الإيوان الذي